رغم أنني لن آتي بجديد حيال موضوع الزعيم الملكي وقصصه الخالدة مع منصات التتويج، إلا أن ما فعله الهلال جدير بالتوقف والتأمل، فاز الهلال ببطولة دوري جميل للمحترفين هذه البطولة التي لها نكهتها الخاصة بالنسبة للهلاليين، واكتسبت طابعاً فريداً هذه المرة، فهي بطولة تحطيم الأرقام القياسية وفخامة التتويج، وسوء المنقلب بالنسبة لفرق أخرى، كانت ليلة التتويج ليلة زرقاء بامتياز سواء بالمستوى الفني والنتيجة الخماسية التاريخية، أو مراسم الاحتفال وحجم التجهيزات التي تم إعدادها، ناهيك عن الجمهور الهلالي الكبير المذهل الذي لم يُنصف -برأيي الشخصي- من قِبل الناقل الحصري، وأعتقد أن كل من حضر المباراة يدرك ما قلته، لكن وجود وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة نقل الصورة بطريقة شبه كاملة للمتابعين من داخل المملكة وخارجها، ليشاهدوا ماذا يفعل هذا الجمهور الفاخر الفخم، لقد قام المدرج الهلالي الكبير برسم لوحات في غاية الجمال قبل بداية المباراة وفي أثنائها، وشارك في فعاليات الاحتفال وتفاعل مع فقراتها رغم عدم وجود بروفات مسبقة، لكنه الجنون الأزرق عندما يحضر بقوة في المدرجات، فشكراً من القلب لمجلس الجمهور الهلالي ممثلاً بياسر الطلاسي محمد عفيفي وبقية زملائهم، فما يقدمونه في مباريات الهلال طوال الموسم يستحق الشكر والتقدير، وشكراً من الأعماق لعشرات الآلاف الذين احتشدوا ليلة العرس الكروي الكبير قادمين من شتى مناطق المملكة، حاملين الرايات الزرقاء متحملين وعثاء السفر وطول المسافات.
لقد كان الهلال ولا زال النموذج المثالي للبيئة الجيدة للاعبين، ففي كل محفل تجد نجومه السابقين يستذكرونه بكل خير وحنين، كما أن بعضهم لا يخفي ندمه على تركه للهلال كما قال ذلك صراحة المدرب البلجيكي ايريك جيريتس عبر إحدى الفضائيات الرياضية العربية، لذلك لم أستغرب حضور نجم الدفاع الهلالي السابق البرازيلي تفاريس لمباراة الهلال والشباب التي أعلنت الزعيم الملكي رسمياً بطلاً لدوري جميل، وكذلك حضور نجمي الكرة الكويتية السابقين بشار عبد الله وجاسم الهويدي لمراسم التتويج، أما اللحظة المهيبة المثيرة ليلة التتويج فكانت لحظة دخول المحارب الروماني ميريل رادوي إلى أرض الملعب وعاصفة التصفيق المدوّية التي قوبل بها، فما كان منه إلا مبادلتهم التحية من على مضمار الملعب وهو يلوّح لهم بيده، وكأنه يشير إلى نتيجة المباراة قبل بدايتها.
لقد كان الغائب الأكبر عن ليلة التتويج هو سمو الأمير نواف بن سعد رئيس نادي الهلال، الذي غيّبته ظروف وفاة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد العزيز رئيس هيئة البيعة -رحمه الله- لكنه كان حاضراً في قلوب الجماهير، وفي وجدان البطولة التي كان هو عرابها والسبب المباشر في تحقيقها بعد توفيق الله - عز وجل - فهو الذي عمل بجد وصمت وإعراض عن كل وسائل الإعلام إلاّ ما ندر، حتى ظن من يكره الهلال أنه لن يذهب بعيداً في الدوري وسط هذا السكوت من سموه، لكنهم لم يُفيقوا إلا والأفعال تتحدث عن نفسها على أرض الواقع، بعد أن آثر سمو الأمير نواف الابتعاد عن التصريحات النارية -كما يفعل بعض رؤساء الأندية- ، لكي يصرّح اللاعبون نيابة عنه على أرض الميدان، فكان ما كان وفاز سيّد الزمان والمكان بالدوري وأتبعه بكأس الملك سلمان والتأهل لربع نهائي دوري أبطال آسيا، ليترك أولئك القوم بحسرتهم ينثرون مشاعر صدمتهم عبر حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، فيما الهلاليون ينعمون بفرحة البطولة بكل شغف وأعينهم ترمق عن كثب بطولة جديدة.
مشاعر زرقاء:
أيها الأزرق السعودي حلّق
في سماء الأمجاد يا رئبالُ
الجماهيرُ صفقت لك حُبّاً
ومَشَتْ في ركابك الأجيالُ
يا عرَين الأسود قد قيل قدما
في حمى الأُسُد تكبر الأشبالُ
لستَ والله نادياً أنت صرحٌ
شامخٌ لا تهزّه الأهوالُ
فتمسّك بذروة أنت فيها
فلها أنت وحدها يا هلالُ
للشاعر البحريني عبد الرحمن رفيع -رحمه الله-
** **
- محمد السالم