فكل مسلم مُكلَّف بأداء الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة - فينبغي عليه حفظ لسانه عن القيل والقال وعن الغيبة والنميمة لأن الصوم عمل إرادي واضح بمقتضاه يستطيع الصّائم أن يسيطر على عاداته وحاجاته ورغباته الجوهرية كما قال تعالى في محكم كتابه الكريم {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } سُورة الحجرات آية (12).
وعن نبي الرَّحمة مُحمَّد صلوات الله وسلامه عليه قال: {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ} متفق عليه.
وعن أبي موسى رضى الله عنه قال: قُلْتُ: { يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الإِسْلامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ} متفق عليه.
فإن ضبط اللًّسان عن الحركة والنّشاط من أعظم مقاصد الصّيام كما قال نبي الرَّحمة مُحمَّد صلوات الله وسلامه عليه {مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ}.
فمن مقاصد الصّيام أيضاً استقامة اللِّسان وصومه عن شتَّى أنواع القيل والقال وهذا العمل يعتبر من المقاصد الجليلة والهادفة. فضبط آفة اللِّسان والتسامي بمقدور حركته واستخدامه يعتبر في حد ذلك سلوك رفيع يترجم قوة الإرادة والهمَّة والعزيمة في حمل اللِّسان وتعويده على الكلام الجيِّد والكف عن الكلام السيئ بشتَّى صوره وأشكاله.
فإن الطّعام والشّراب شهوة وحاجة. أما الكلام السيئ بشتَّى صوره شهوة بغير حاجة.
فالإسلام ربط بين الإيمان والعبادة وحفظ اللِّسان. كما قال الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} سُورة المؤمنون.
وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: {مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ} متفق عليه.
ومن أقوال نبي الرَّحمة مُحمَّد صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: {إِنَّ مِن أَحَبِّكُم إِلَيَّ وَأَقرَبِكُم مِنِّي مَجلِسًا يَومَ القِيامَةِ: أَحَاسِنَكُم أَخلَاقًا. وَإِنَّ أَبغَضَكُم إِلَيَّ وَأَبعَدَكُم مِنِّي مَجلِسًا يَومَ القِيَامَةِ: الثَّرثَارُونَ، وَالمُتَشَدِّقُونَ، وَالمُتَفَيهِقُونَ}.
فالثرثرة - نزوة لسان.
فالتشدق - نزق لسان.
فالتفهيق - معصية لسان.
فالمسلم ليس بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذئ.
فإن المسلمين بشتَّى أنحاء المعمورة يحرصون كل الحرص على تلاوة كتاب الله الكريم في هذا الشّهر الفضيل بالذات في منازلهم ومتاجرهم ومساجدهم وأماكن أعمالهم كما قال الحق سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} سُورة البقرة آية (183).
ومن فوائد أداء هذا الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة حسن الخلق ومن مظاهره الكبيرة والعظيمة استقامة اللِّسان على المعنى الجميل والمفهوم المتزن واللفظ النبيل والعبارات الأنيقة.