خالد بن حمد المالك
حسناً فعل معالي الأستاذ سعود القحطاني المستشار بالديوان الملكي والمشرف العام على مركز الدراسات والشؤون الإعلامية بكشفه عن استهداف قطر لحياة الملك عبدالله بن عبد العزيز، ليضيف هذه المؤامرة القطرية إلى سابقاتها، وأهمها وأخطرها التنسيق مع معمر القذافي لتقسيم المملكة، وتحريك العملاء لتغيير نظام الحكم في بلادنا، كما أكدته التسجيلات بصوتي حمد بن خليفة وحمد بن جاسم مع معمر القذافي، فاطلاع العالم على الوثائق التي تؤكد ضلوع قطر بدعم الإرهاب، يختصر الطريق أمام تنظيف قطر من الإرهابيين، ويساعد على تحديد أسماء كل المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم ضمن سلسلة من العمليات الإرهابية التي عانت منها المملكة والدول الشقيقة الأخرى بالمنطقة.
* *
القحطاني لم يأت بجديد لم نألفه من قطر ومسؤوليها، فقطر غارقة بدعمها وتعاونها مع دوائر الإرهاب، لكن جديد القحطاني أنه أضاف قنبلة جديدة سوف تهز عرش التآمر والإرهاب والتطرف في قطر، وستحول في المستقبل دون تمادي الدوحة في دعم الإرهاب بعد أن تأكد لها أن للصبر حدوداً، وأن مؤامراتها لا يلغي قدمها عن محاسبتها عن كل الجرائم التي ارتكبتها بحق غيرها، طالما أن الوثائق الثابتة والدامغة تم الاحتفاظ بها، والتحفظ عليها من أن يُشترى تغييبها والتستر عليها بالمال القطري المباح لكل عمل أو تخطيط لعدوان يستهدف دول مجلس التعاون، وهو - مع شديد الأسف- ما لم تدركه إلى اليوم القيادة القطرية، بدليل تمسكها بمواقفها، وعدم استعدادها للاعتراف بجرائمها.
* *
ومع علم الدوحة أن حبل الكذب قصير جداً، فلا زالت تمارس الكذب والخداع والمروق من الحقيقة، وكأن العالم لا يمتلك الأدلة التي تدين قطر على أفعالها، وكأن مثل ما أعلن عنه سعود القحطاني عن مؤامرة قطرية خطيرة لقتل الملك عبدالله لا تأثير لهذا الجرم الشنيع في إدانة قطر، أميرها ووالده وحمد بن جاسم وكل من كان ضالعاً في أي مؤامرة أو إرهاب أو جريمة بحق غيره، فقد بدأ العالم، وإن جاء ذلك متأخراً، يعي أن قطر كانت تلعب دوراً خطيراً في العمليات الإرهابية، وأنها تشجع على التطرف، ولا تتورع عن المساس بأمن الدول واستقرارها، مطمئنة على أنه لن يتم تجريمها أو محاسبتها، ولم تكن تعلم أن متطلبات الإدانة يتم تسريبها من يوم لآخر ممن كانوا يتعاونون معها في هذه الجرائم.
* *
تبدأ قصة التخطيط لاغتيال الملك عبدالله بحسب رواية سعود القحطاني مع شيء من التصرف، عندما تطاول معمر القذافي في القمة العربية التي عقدت في لبنان على الملك فهد - رحمه الله - بكلمات لا تليق كزعمه بأن الملك فهد قال: إن المملكة تتحالف مع الشيطان للدفاع عن نفسها ، وكان ولي العهد الملك عبدالله - رحمه الله - ينوب عن الملك فهد في حضورها، فردَّ على القذافي بأقسى العبارات مما كان يتوقع ونص ما قاله الملك عبد الله (كلامك مردود عليك، المملكة العربية السعودية واجهة، المملكة العربية السعودية مسلمة، المملكة العربية السعودية ليست عميلة للاستعمار مثلك ومثل غيرك، مين جابك للحكم، انت مين جابك للحكم، انت قلي: صحيح مين جابك للحكم، لكن لا تتكلم ولا تتورط في أشياء مالك فيها لاحظ ولا نصيب، والكذب هو امامك، والقبر هو قدامك.)، فأسقط في يديه، ولم تسعفه الكلمات للرد على الملك عبدالله، لكنه قرر أن يكون الرد بما اعتاد عليه، أي من خلال تصفية جسدية يخطط لها وينفذها مع العملاء، وبالتنسيق مع الشيخ حمد بن خليفة، حيث تجمع العقيد بالشيخ علاقات وتوافق في الأفكار، وتطابق في النزعة العدوانية لكل منهما، فيما أن الملك عبدالله الذي أفحم القذافي بالرد اعتبر أن الموضوع في حكم المنتهي، دون أن يخطر في ذهنه أن مؤامرة كبيرة وخطيرة تُهيّأ لقتله، وبطلها الصديقان معمر وحمد، وبمثل ما تحدث به الأستاذ سعود القحطاني.
* *
فما إن اختتمت اجتماعات قمة بيروت، وذهب كل من القادة إلى سبيله ومن حيث أتى، حتى بدأ التواصل بين حاكم ليبيا وحاكم قطر يبحثان عن تنفيذ المؤامرة، يفتشان عن آلية تضمن نجاح جريمتهما، فيما كان الملك عبدالله يُستقبل في مطار الرياض من أصحاب السمو الأمراء والوزراء والمواطنين استقبالاً نوعياً تثميناً لدوره في إلجام معمر القذافي بما يستحق، إلى درجة أن الناس بدأوا يتداولون يومها ما خُوطب به الملك عبدالله من مستقبليه من ثناء وتقدير على موقفه في الدفاع عن المملكة وعن الملك فهد. ولتغطية هذه الجريمة النكراء، وخوفاً من أن يتم اكتشافها، فقد سارع حمد بن خليفة في اجتماعات القمة العربية التي عقدت لاحقا بقطر بإعطاء الكلمة لمعمر القذافي، دون أن يكون اسمه من بين المتحدثين المدرجة أسماؤهم، ويبدو أنه كان تنسيقاً بينهما، ليعلن اعتذاره للملك عبدالله عما صاحب علاقاتهما من فتور أثر تطاوله على الملك فهد بكلمات لا تليق، فتقبل الملك عبدالله ذلك من باب المجاملة، دون أن ينسى غدره وخيانته، وإساءته للمملكة والملك فهد.
* *
تمضي السنوات والأيام، ويأتي سعود القحطاني ليعيدنا إلى هذه المؤامرة، يذكرنا بواحدة من المآسي التي تئن منها دولنا، ولكن مع التأكيد على شراكة حمد بن خليفة مع معمر القذافي في مؤامرة دنيئة من المؤامرات الكثيرة ضد المملكة وقادتها، وربما كشفت الأيام عن ظهور دلائل أخرى، وتسريب وثائق جديدة، بما لن يجعل قطر ومسؤوليها في مأمن من الإدانة والمحاسبة على جرائم ارتكبوها، أو خططوا لها، أو دعموها، وهو ما جعل الدوحة منذ تصريح الشيخ تميم بن حمد بعد عودته من الرياض في حالة ارتباك وقلق وشعور بالخوف من أن تتمادى القوى الإرهابية التي تعاونت مع قطر في كشف المزيد من الحقائق، وتسريب الكثير من الوثائق الصوتية أو المكتوبة، مما سيحرجها ويوثق إدانتها دون أن تكون لديها حيلة للتخلص من هذا المأزق.
* *
كان رهان الثنائي حمد ومعمر على اغتيال الملك عبد الله يعتمد على المنشقين السعوديين المقيمين في لندن، وبينما فشل القذافي منفرداً في إقناعهم بالتعاون معه لإنجاز المهمة القذرة، اضطر لأن يتواصل مع حمد بن خليفة، ليطلب منه أن يساعده في تنفيذ اغتيال الملك عبد الله، فما كان منه إلا أن رحب بذلك، وبدأت الاجتماعات بين مخابرات الدولتين في العاصمة القطرية بناء على اتفاق مسبق بينهما، وهذا الذي يعلن عنه الأستاذ القحطاني، لا يقوله من فراغ، فلديه المستندات المؤيدة لكلامه، فقد كان يمثل القذافي في الاجتماع العقيد محمد إسماعيل الذي أكد للقطريين أن أي تعاون لا يهدف إلى اغتيال الأمير عبد الله - الملك فيما بعد - مرفوض تماماً، حاول القطريون إقناعه بصعوبة ذلك، نظراً للتبعات الخطيرة في حال فشل المخطط، لكن الليبيين أصروا على موقفهم، وغادروا الدوحة غاضبين، بحسب الوثائق والمستندات التي يحتفظ بها سعود القحطاني.
* *
المؤامرة لم تنته عند هذا الحد، فقد كان رد فعل أمير قطر السابق حمد بن خليفة سريعاً، ركب طائرته الخاصة، واتجه صوب ليبيا للقاء الرئيس معمر القذافي، وهناك أبدى أسفه الشديد لسوء الفهم الذي حصل من ممثل قطر، مبدياً استعداده لتنفيذ كل ما يطلبه الرئيس القذافي، ومن أنه أصدر تعليماته للسعوديين المنشقين حيث يقيمون في لندن لتنفيذ ما يطلبه منهم ممثل الرئيس معمر القذافي العقيد محمد إسماعيل، وما كان من هؤلاء المنشقين إلا الترحيب والاستعداد بتنفيذ المخطط، بل إن سعد الفقيه أكد أن الاغتيال قابل للتنفيذ، على أيدي الجهاديين، مع تأكيده بأن النظام سوف ينهار بمجرد تنفيذ جريمتهم بقتل الملك عبد الله.
* *
ويمضي سعود القحطاني في نشر تفاصيل أخرى بتغريداته المهمة ضمن ما أسماه كشف الحساب، فيشير إلى قناة الجزيرة، وكيف أنها كانت تعمل على خدمة المؤامرة من خلال برامج مخصصة لها، وأن هذه الخطة قد تم اعتمادها من الشيخ حمد، بينما كان سعد الفقيه هو من وضعها، وهي خطة تعتمد على الدعاية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب كما كانوا يسمونها، أي أن الفقيه كان الحصان الرابح الذي يراهن عليه حمد، بعد اقتناعه بالاستراتيجية الإعلامية لدى الفقيه، حيث لمس أنها هزت شرعية النظام السعودي كما يزعم، وأن خطته نجحت كما يزعمون أيضاً بعد قرار إخراج القاعدة الأمريكية من الخرج الذي أحالوا سبب خروجها للضغط الهائل للشعار الذي روجوه وهو أخرجوا المشركين من جزيرة العرب.
* *
أي أن تفجيرات الرياض وخروج القاعدة الأمريكية من المملكة إلى قطر كانت - كما في تغريدات القحطاني - ورقة سعد الفقيه الرابحة التي أقنع بها الشيخ حمد بن خليفة بأنه الأجدر بتنفيذ طلب معمر القذافي، وبصرف النظر عن فشل هذا المخطط كما غيره، فإن اهتمامنا بهذه المحاولة القذرة لاغتيال الملك عبد الله، مع ما سبقها من اتصالات بصوت حمد وحمد ركزت أيضاً على تقسيم المملكة، والانقلاب على الشرعية، وإنهاء حكم آل سعود، هو من باب التأكيد على أن قطر دولة إرهابية، وأنها تمارس أفعالاً لم يسبقها أي من الدول بالعمل بهذا المستوى من الجرائم سوى شريكتها ليبيا في عهد معمر القذافي.
* *
على أن الأستاذ سعود القحطاني، وعد بجزء آخر يكمل به روايته الموثقة بالدليل القاطع على قيام حمد بن خليفة بالتعاون مع معمر القذافي بالتخطيط مع العملاء سعد الفقيه وغيره لاغتيال الملك عبد الله، الأمر الذي يحاصرقطر بجرائمها، ولا تبقى لها فرصة للهروب من الواقع، أويكون خيار تستند عليه للحصول على براءة من جرائمها الخطيرة والمتكررة، وإلى أن يتوالى الإفصاع عن الجرائم القطرية الأخرى يبدو أنها أخطر وأكثر بكثير مما أعلن عنه، سوف نكون على موعد مع غد مشرق، نقضي فيه على كل ما يؤدي إلى الإرهاب، وننقذ فيه شعب قطر (الحبيب) من مغبة جره إلى هذا المستنقع الخطير.