د.عبدالعزيز الجار الله
الدراما التلفزيونية السعودية تعيش في أزمنة مختلفة عن زماننا، الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية تتغير وتتطور سريعا وما زالت الدراما في زمان يختلف عنا وداخل إطارها الضيق والمغلق.
ما زال المؤلف وكاتب الدراما وكاتب السيناريو، وما زال الممثل والمخرج يؤدي ويقدم المشكلات والحلول عبر طروحات لا تنتمي لواقعنا، فأصبحت الدراما التلفزيونية:
تصور المجتمع بالمجتمع الشاذ المنحل المتفسخ والمجرد من الأخلاق والقيم.
تصف المجتمع بالمغفل الأبله والساذج قليل الخبرة والتجربة، ويمكن استغفاله، ورسمت له صورة الاستهبال حتى وصف مجتمعنا عند بعض الشعوب العربية والآسيوية بالأهبل المخبول.
وصف المجتمع في الدراما بالإنسان غير المتحضر، مجرد من القيم والثقة والأدبيات الأخلاقية، يستغل الغير ولا يحترم الشعوب والجنسيات.
عرض البيئة السعودية بالبيئة البائسة والفقيرة عبر تركيزها على الماضي والأوضاع المتردية قبل التنمية التي تعيشها السعودية.
مشاهد الصور التلفزيونية باستثناء مشاهد طريق الملك فهد وطريق مكة المكرمة ومباني المملكة والفيصلية فإنها لا تنم عن قوة الدولة الاقتصادية والمالية والحضارية لأن التركيز على الأحياء الفقيرة والمهجورة باعتبارها واقع الحياة الحالية.
الموضوعات تدور في أعمال مكررة تفتقد إلى المعالجات المهنية العميقة بل تأتي المعالجات بتسطيح القضايا، وهذا يدل على تواضع وإفلاس كتاب الدراما وبأنهم لا يمثلون الواقع المعاش.
تتناول صغائر الأمور والتركيز على الرمزية والإيحاءات الجنسية الرخيصة والشاذة، وهي في كل المجتمعات لكن الدراما السعودية تؤكدها وتعتبرها من السلوك الأصيل في مجتمعنا.
لم يستوعب كاتب الدراما والمخرج والممثل والمنتج أن واقع الإنسان السعودي من الرجال والنساء على حد سواء وبكل الفئات العمرية قد تجاوزوا التسطيح والأعمال الرخيصة، وأن ذائقتهم الفنية تخطت أفكار الدراما السعودية التي ما زالت لا تحترم ثقافة هذا الجيل ولا تعليمه ومستويات نجاحاته المهنية.
ولهذا تجد أن وزارة الثقافة والإعلام تحاول أن تتدخل لضبط هذا الانفلات والتجني على إنسان هذا البلد الذي قدم نماذج وكتل جماعية بالتفوق والنجاح والقيم الأخلاقية العالية تعكس تربية ومتانة أسسه الأخلاقية وتميزه في مجال الأعمال والمنافسات بين المجتمعات، لكن تدخل الوزارة ليس بالكافي، لذا نحتاج إلى إجراءات أقوى فالدراما الحالية منفصلة عن واقعنا.