جاسر عبدالعزيز الجاسر
تتزايد الدول ويتكاثر الرؤساء الذين يطلبون القيام بوساطة بين الدول العربية الأربعة السعودية ومصر والإمارات والبحرين وبين حكومة قطر، وأخر من أعلن استعداده للقيام بالوساطة الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون الذي يسعى لتدشين مساعيه بالاجتماع بالشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي وبالشيخ تميم بن حمد أمير قطر كل على حدا، وقبل ماكرون أعلن كل من أردوغان رئيس تركيا وروحاني رئيس إيران، ونوايا من ألمانيا وعدد من الدول إضافة إلى الوساطة التي يقوم بها الشيخ صباح الأحمد محمد الصباح أمير دولة الكويت والتي أعتقد بأنها أكثرها حظاً بالنجاح إن لم تكن الوحيدة القادرة على تحقيق المأمول خاصة إذا وجدت تجاوباً مع جماعة الأربعة الحاكمة في قطر.
تعدد الوساطات شيء جيد بحد ذاته، باعتبار أن الدول التي نشأت خلافات بينها لها أهمية في المحيط الدولي والإقليمي، ولكن الذي يثير توجسنا ويجعلنا نشكك في نوايا الذين يسعون لتقديم خدمات الوساطة اللغة التي يتحدثون بها والتي تظهر وإلى حد كبير نواياهم والأهداف التي تدفعهم للقيام بالوساطات التي يقولون إنها تهدف إلى رأب الصدع فيما تكشف لغتهم عن توسيع الصدع وليس رأبه، مثلما كشفت أقوال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومثلما أظهرت التصريحات الواردة من عاصمة ملالي طهران، وهو ما أفشل أي وساطة قادمة من تلك المصدرين لأنهما تحملان نوايا لم تعد خافية على العرب جميعاً ورغم تحركات وزير خارجية تركيا وزيارة رئيس إيران روحاني لسلطنة عمان والكويت، فإن وساطتهما غير مقبولة ولا حظ لهما من النجاح.
تبقى الوساطات الأخرى والتي يحلو لها وصف الأزمة التي أثارتها جماعة الأربعة الحاكمة في قطر بإصرارها بالاستمرار في دعم الإرهاب سياسياً وإعلامياً ومالياً وعسكرياً بأنها مشكلة أو أزمة خليجية.
وهو وصف ناقص أو غير مكتمل إن أحسنا النية بالذين يرددونه، وهو قول مقصود يخدم توجهات وأهداف من يطلقونه، فالأزمة مع قطر مشكلة عربية وحصرها بأنها مشكلة خليجية فقط يقصد بها عزل دول عربية مهمة وبالذات إخراج مصر من دائرة الدول المتضررة من جرائم جماعة الأربعة الحاكمة في قطر، وإبعاد اليمن كذلك التي نالها من نفاق وخبث تعامل حكومة قطر وأميرها السابق حمد بن خليفة في تسليحه ودعمه وتحريضه للحوثيين وإخفاء دور قطر في تدمير ودعم مليشيات الإجرام والإرهاب في ليبيا.
دور حمد بن خليفة ووزير خارجيته حمد بن جاسم في نشر الإرهاب في البحرين والسعودية والإمارات موازٍ ويسير في نسق واحد مع ما ارتكب من جرائم إرهابية في مصر وليبيا واليمن وحتى في سوريا والعراق، ولذلك فإن المشكلة مع حكام قطر مشكلة عربية وليست مشكلة خليجية فقط.