في خمسينيّات القرن الماضي، تحرّك توقيعه على أوراق نصوص أفلام اضُطرّ لبيعها لزملاء المهنة؛ ليشاهد بحسرة من منزله - في وقت لاحق - أحد نصوصه التي باعها تُتوّجُ بأوسكار أفضل نصّ عن فيلم (عطلة رومانية)؛ ليستلم زميل المهنة تذكار الأوسكار باسمه لا باسمِ كاتب النصّ الحقيقيّ.
لم يكن مضطراً لبيع نصوصه في الخفاء والكتابة في الظلّ لولا الضوء الحارق للمكارثية التي وضعت اسمه في القائمة السوداء في هوليوود، وامتدت لتُقيّد الأفكار ومحت أسماء الكثير من المبدعين بسبب التهم الزائفة التي طالتهم إبان الحرب الباردة بين المعسكرين.
المكارثية تتكرر بصور مختلفة في كل زمن؛ لذا ربما أنّ ما كتبه ليس له أهمية مقارنة بحضوره كأنموذج إبداعي سينمائي الذي امتدّ ثقافياً بصورة شاملة؛ ليجيب على استفهامٍ مُلِحّ حول كيفية تعامل المثقف أو المبدع الذي تطوله التهم جُزافاً بسبب موجة عارمة يركبها الجميع بلا وعي - بما فيهم المثقف نفسه أحياناً - لا يستطيعون في لحظة عنفوان الموجة أن يحاكموها إلا في الغد البعيد، حيث يستفيق الوعي متأخراً؛ لتتضح الأمور على حقيقتها بسبب تعرية الوعي الزمني المتَغيّر لها.
إمضاء كاتب السيناريو الأمريكي دالتون ترمبو ( 1905م-1976م): تحرّك في الخفاء؛ ليكون أنموذجاً ملهماً في كل زمن « مكارثيّ» ..!
- حمد الدريهم