أنثى وتزدحمُ النجوم بشالها
لتقدّ روحَ الضوء من صلصالها
ظلّت على مَرِّ الزمان صبيّةً
حتّى كأنّ الدهرَ من أطفالها
رسختْ بذاكرةِ الصحارى واحةً
غمَز الترابُ غمامتين ببالها
بدويةٌ من آلِ «يَعربَ» أُلبِستْ
ثوباً سماوياً لربّ جِمالها
هو أوَّل العربِ استقلَّ بلهجةٍ
ذهبتْ لآخر نسله بمقالها
وجرتْ على فمهم كأكرم خيلهم
والخيلُ إنَّ الخيلَ من خيّالها
تَفتَرُّ أزهارُ الحروف خضيلةً
لتبوحَ أشجارُ الرؤى بغلالها
وتحلَّ لغز الماء تحت رمالها
فتؤولُ فكرةُ كشفه لمآلها
والناسُ تختلف المداركُ بينهم
فمُغلِّقو أو مغلَقو أقفالها
تزهو طواويسٌ بها مختالةً
وتجرُّ حقلَ الفنّ في أذيالها
لو كان ماءُ البحر حبراً ما كفى
لسطور فتنتها و خَطِّ خصالها
روحُ المصاحف أعجزت من شكَّكوا
بالممكنات وأيقنوا بمحالها
كلماتُ ربّ العالمين بصدرها
أعلامُ عزّتها وأوجُ كمالها
«اقرأ.. وما أنا قاررئٌ.. اقرأ»..
وينبجسُ الهدى للناسِ بعدَ ضلالها
الضاد سحرُ الخال في قسماتها
فسلوا الثِّقات العارفين بخالها
والشعر ديوانُ الجمال بسِفْرها
ويزيدُها فضلاً على أفضالها
ألقت على الشعراء أثقلَ حملِها
من غيرهم قدروا على أحمالها
نفروا خِفافاً عاشقين وخلّفوا
صرح النُّحَاة يَخرُّ من أثقالها
بلُّوا لهاةَ البيد من أندائهم
لمّا عنى النقّادَ سبرُ رمالها
ليس الملوك بصولجان عطائها
كالملزمين الكدّ من عمّالها
من غيرهم قد أعتق النوقَ التي
كانت مُصفَّدة على أطلالها
هي أمُّهم وسعت تقلّبَ حالهم
وهمُ بنوها العالمون بحالها
وأنا ابنة المعنى أنا ابنتها و لي
منها صفاتُ جمالها وجلالها
من كنزها كحلي و درُّ أساوري
و ملابسي نُسِجتْ بكفّ خيالها
طرّزتُ بالذهب العتيق حريرَها
ونقشتُ من شغَفي على أوصالها
ألقتْ على شجني وما شاخت رؤىً
أمّي وسمّتني أبرَّ عيالها
أكلت عصافير الحروف سنابلي
وأنا سفحتُ محابري لسجالها
أمشي على صرح القوافي فتنةً
لم أُبْدِ من ساقٍ.. ومن خلخالها
ماجئت خوفاً والجنود فيالقي
من يعبدون الحرب من أقيالها
بل جئت عاشقةً بمقلتها السنى
فغدا سليلُ المُلك رهنَ دلالِها
للقبّرات غناؤها وقصيدتي
بالضوء ساريةٌ لقدس جَمالها
- شعر/ مروة حلاوة