خمسون عاما على هزيمة الخامس من يونيو حزيران عام 1967، خمسون عاما والعرب من نكسة إلى نكسة، في ظل انعدام هويتهم ووحدتهم ووحدة مصيرهم، خمسون عاما والعالم العربي يئن تحت وطأة خلافاته المستعرة والمتجددة تبعا لأهواء الآخرين وأمزجتهم الاستعمارية.
في الخمسينات الميلادية كان المد العروبي في أوجه وكان المؤمنون به أكثر نفيرا وحضورا في المجتمعات، آمن البسطاء بشعاراته الرنانة ورأوا فيها شرعية نضال وبقاء وحياة.
عبدالناصر كان أحد رموز هذه الفكرة التي عاش بها وعاشت في كنفه حقبة زمنية ما زالت آثارها الفكرية باقية حتى اليوم، ولكن حرب الست ساعات بخرت كل مفاهيم العروبة ومزقت أدبياتها وراح رموزها يبحثون عن مخرج يحفظ ماء وجوههم أمام شعوبهم والتاريخ.
فكان مصطلح النكسة أول بواكير تزييف التاريخ ليظل الواقع مغلوطا معتقا بمفاهيم عقيمة وبرعاية عروبية خالصة، مصطلح أريد به حفظ ما تبقى من ماء وجوه عفرتة إسرائيل فى تراب المعركة، وداست على كرامة شعوب آمنت بشعارات ووحدانية أمة عظيمة ورسالة خالدة!
إسرائيل بعثت رسائلها الاستعمارية الخالدة بخلود ضعفنا، وحفرت فى قلوب العرب ذل الهزيمة وأشربتهم كأسها وحنظلها.
وتتوالى الهزائم والسقطات ومن نكسة إلى نكسة والعرب لم تتغير مفاهيمهم بل أصبحوا مهيئين لتقبل واقع مأساوي يتماشى وظلامية المرحلة وسرمدية بقائها واقعا تعايش معه العرب وآمنوا به.
خمسون عاما على نكسة أسقطت العرب في فخ الشعارات الكلامية، خمسون عامًا والعرب يؤكدون أنهم ظاهرة صوتية، خمسون عاما والعرب يعيشون عالة على الحضارة الإنسانية فهم مجرد تاريخ كُتب ونسي، وجغرافيا أثقلها هذا التاريخ، وإنسان بائس يائس من كل شيء ينتظر لحظة فارقة يعود فيها للعزة بأثر رجعي من بوابة ذلك التاريخ.
- علي المطوع