-1-
مازلتُ أقاومِ التّفتتْ!
ليس في نيّتي التّمرّد على أسلوبك البغيض.
كلّ ماأريده أن أخرج إلى النّور مثلما يخرج جميع النّاس،قبل أن تخذلني طاقة التحمّل.
ياسيّدي :
أنا لست أسطورة في الصّبر، فقلبي ككل المخلوقات يحزن، ويتألم عندما يُجرح، ويبكي عندما يصيبه شطط الوحدة.
ألم يكن من الأسهل عليك وعليّ أن نعيش كأي متحابين دون كرّ وفرّ؟!
أنت حتى لم تترك لي مساحة للمناورة؛ لأنّك تعلم أنك لن تستطيع معي صبرًا.
ياسيّدي :
نحن في زمن لاينتظر المتأخرين،فلا تحيلني إلى امرأة معلّقة في ذاكرة رجل لم يكن عاديًّا أبدًا.
-2-
«لاتحزنْ إنّ اللهَ معنَا»
قلتُها لقلبي وأنا انتزعُ منه أنابيبَ التّعلق بك.
أظنّكَ الآن على يقين تام بأنني لم أكنْ أتسلَّى عندماأخبرتك بتفكيري في اتخاذِ قرار خطير.
قرارٌ اخترتُ فيه أن أكونَ أنا بكلِّ مايمكنُ أنْ يلحقَ بي مِنْ خرابٍ ودمار، وضياع، وشتات.
قوى غريبةٌ كانتْ ترمي بي في وجه التيه؛ لتثنيني عن المضي فيما أنا عازمة عليه.
فقدتُ السّيطرةَ على كلّ شيء يومها، لكنني عدتُ للحياة من جديد، غيرعابئة بحجم خساراتي.
والآن، وبعدكلّ هذا العمر؛ دعني أخبرك:
المرأةُ التي أنهكها جبروتُ حضورك ؛تشافتْ منك تمامًا.
-3-
في مثلِ هذا الوقتِ من كلّ يوم يتمدّدُ الصّمتُ بهدوءٍ في أعصابِها كظلِ غيمة
إنّه الوقتُ الذي يمكنها أن تستمعَ فيه إليها..
تُرتّبُ تفاصيَلها..
تفترضُ عِدةَ افتراضاتٍ؛ تختبرُ فيها حواسَها، التي درّبتها على التّغافل زمنًا طويلًا.
تحدق في المرآة عن قرب وتتنهد:
ربع قرن من التغافل كافية لملء الروح بالصديد ياصديقتي!
تُدير ظهرهالها..
ثم ترتمي في أحضانِ زاويتها.
تغمضُ عينيها؛لتتحول إلى نِثارٍ من نورٍ لايمكن القبض عليه!
تبتسم.
تنسى كلّ لحظات التّهميش التي نهشتْ روحَها.
وتعودلتؤثث لحضورها من جديد بذاكرةٍ مُتّقِدة، تمنحها حنينًا لذيذًا لأوّل خفقة قلم.
تتركُ كلّ شيء وتغرقُ بين الأوراق لتكتب بلذة..
تغوص بين كلماتها بجنون، مطلقة العنان لأصدق صرخاتها.
وبعدأن تُفْرِغَ كلّ شيءٍ؛ تتأمل ما كتبتْ
تضحكُ ضحكةً وحيدةً، تصيرُمعهارخوةً كقطرة زئبق تتدحرج في أنبوبة.
ثم تتكورُ كقنفذ,لايسمحُ باختراقِ عالمه، وتنام وحيدة على متن غيمة!
- د. زكية بنت محمد العتيبي