* أتحدث هنا عن حالات العقل الواعي والشعور القصدي، ومدى قدرة الفرد على استعادة تسلسل صور ذهنية ما، قد تكون تأرجحت ما بين حضور وغياب في ذات اللحظة.
* السينمائيون يقولون عنها «Sequence» إذ إنّ في تسلسل المشاهد وربط أحداثها منطقياً شرطاً أساساً لقناعة المتلقي بالمحتوى، فلا يمكن قبول مشهد «نهاريا واضحا» على سبيل المثال ثم يُستكمل ذات المشهد في «ليلٍ كالح» دخل هكذا فجأة.
* العقل البشري له رأي آخر، إذ يمكن للفرد أن يختزل الأوقات والأزمان ويتنقل ما بين الأحداث ذهاباً وعودة (Round Trip) حسب لغة حجوزات الطيران، في لحظاتٍ «برقيّة» دون ترابط ولا تسلسل وهذه إحدى مُدهشات ذلك العقل الجبّار.
* لا خيال إلاّ بعقلٍ سويٍّ وربما موهوب إذ التخيّل قوّة باطنيّة (عقلية) نكوّن من خلالها الصور أو المشاهد، أو حتى الأحاسيس التي نتصورها، استناداً إلى التجارب التي مررنا بها سابقاً أو الكم المعرفي المتراكم في خزّان الذاكرة هائل السعة.
* أثناء قراءة رواية أو قصيدة شعر أو سماع مقطوعة موسيقية باذخة النغمات، يبدأ الذهن في تخيل الصور أو الأحاسيس في تتابعٍ تدريجي، فيخرج القارئ - المستمع من حالته الواعية بما حوله، ويدخل في عالم خياله الذي ينقله إليه ما يقرأ أو يسمع.
* يحدث عند البعض انقطاع تدفق الصور أو الشعور بالأحاسيس التي يعيشها في تلك اللحظة، ويدخل في حالة خيال أخرى مُنْسلّة من الحالة الأولى، وقد تكون الحالة الجديدة لا علاقة لها بالأحداث المُتخيلة سابقاً.
* المُدهش أن ذات الشخص يعود مرّة أخرى في لحظات خاطفة أحياناً إلى حالته الأولى ويستمر ذهنه في إكمال الصور والأحاسيس التي كان عليها قبل الانقطاع - الانفصال وكأنّ شيئاً لم يكن، بل ويستطيع تجاهل ومحو الصور الطارئة المُستدعاة دون قصد، ثم يواصل رحلة الخيال في تتابع مترابط وسياق متصل.
* خيالُ كُتّاب السيناريو الهنود خصب جداً لدرجة عدم (تخيّل) الأحداث التي ستقع في نهاية (الفيلم الهندي).
* حسب ظن كاتب هذه السطور، فإنّ لُكلٍ مِخيالهُ الخاص به الذي ربما لا يتطابق مع غيره كاختلاف البصمات وتلك إحدى معجزات العقل البشري.
* التركيزُ يهزم انفصال تسلسل المُتخيّل.
- د. عبد الله إبراهيم الكعيد
aalkeaid@hotmail.com