مهدي العبار العنزي
الاعتدال في الدين الإسلامي يعني إسلام حقيقي لا تشوبه شائبة ولا يتأثر بمن يعترضون مسيرته من الذين يتعاملون مع الأوهام والأحلام والأجرام، الاعتدال يرفض رفضًا مطلقًا الأهواء التي يتعامل بها من يمارسون الغلو والتطرف والانحراف والانجراف والتكفير وزعزعة أمن الأوطان وترويع الآمنين وكل ما من شأنه الضرر في البشر مهما كانت أجناسهم وأعراقهم ودياناتهم لأن الله سبحانه وتعالى سخر الأرض لنفع الإنسان وعدم الانصراف لأعمال الشر والسير خلف من يضمرون الكراهية للبشرية وها هم بدلا من أن يزعوا هذه الأرض بالخيرات لينعم البشر بها آمنين مطمئنين مستقرين، ها هم يزرعونها بالشر والمتفجرات والمفخخات هؤلاء لا يريدون الخير لهم ولا لشعوبهم ولا للأرض التي أنجبتهم وترعرعوا بين وديانها وفيافيها وجبالها وكهوفها ومدت لهم كل الخير وكان الجزاء أن يبادلونها بالشر؟ ورغم هذا كله فإن الأمل بالله كبير أن يهدي من أضله الشيطان ويعود نقيًا سليمًا وفيًا للأرض، والله قادر سبحانه وتعالى على قطع دابر كل شرير وكل معتدٍ أثيم يمارس سفك الدماء وترويع الناس وهتك حرماتهم وتحطيم ممتلكاتهم، لقد بذلت حكومة المملكة جهودًا لا ينكرها إلا حاقد ولا يتجاهلها إلا جاحد كل ما بوسعها لينعم الناس بالمحبة والتراحم ووحدة الكلمة والمصير المشترك ولن تتوانى أبدًا في بذل كل جهد مثمر لأنها تمثل قلب الإسلام النابض والضمير الحي الذي لا يقبل الصدأ. من هنا جاء مركز اعتدال الذي أنشأته الحكومة الرشيدة والذي يهدف إلى إقامة العدل ودفع الضرر عن أبناء البشر الذين يتعرضون للإرهاب وسفك الدماء والتطرف والغلو الذي حطم البشرية وحطم النفوس البريئة على يد أصحاب الفكر الضال ومن يساندهم ويدعمهم ويحرضهم على القيام بهذه الأعمال المشينة.
اعتدال يمثل في أهدافه القيم والأخلاق والفضائل ومحاربة كل أمر يتعارض مع الفطرة البشرية التي فطرها الخالق البارئ سبحانه وتعالى في عباده، اعتدال يهدف إلى تهذيب النفوس والنصح والإرشاد لإيجاد أجيال صالحة تساهم في تقدم الأوطان وحماية الأرواح والحفاظ على المقدسات والمكتسبات، اعتدال يعني الصلاح والاستقامة وردع النفوس عن ممارسة المبادئ الهدامة، اعتدال يعني زرع الثقة في عقول شباب الأمة ليكونوا صالحين مصلحين، نعم إنه جهد جبار يحتاج إلى العقول النيرة وإلى المخلصين رجالاً ونساءً الذين يملكون الفكر والعقل والحكمة ليقدموا تجاربهم في صور واضحة ونقية وحلولاً جذرية لمشاكل العصر بأسلوب سليم لا إكراه فيه ولا تشدد بل فيه الرحمة والحلم والوعظ والإرشاد وتوضيح الحقائق ودحض كل الأكاذيب التي تمارس ضد الوطن وأهله.
اعتدال ومهماته الجسيمة الذي نأمل أن يرقى إلى طموحات أبناء هذا الوطن العزيز وعلى مختلف مستوياتهم وعلى النطاق الواسع محليًا وإقليميًا ودوليًا منطلقًا على بركة الله ضد المنحرفين الذين أغواهم الشيطان وأبعدهم عن الصواب ونكثوا العهود وخانوا الوعود وتمردوا على القيم وتحالفوا مع الأعداء غير مبالين بمكانة بلاد الحرمين.