محمد المنيف
في بداية الحضور التشكيلي الرسمي في معارضه الجماعية التي كانت تقيمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب في السبعينات الميلادية إلى منتصف الثمانينات كان للمعارض طعم ونكهة وشوق جارف من قبل التشكيليين، مع ما كان عليه قبول الأعمال من صعوبة من قبل منظمي المعارض من جانبين الأول الاهتمام بالمستوى الفني مع غض الطرف عن المواضيع كون غالبيتها تستلهم من الواقع الاجتماعي والطبيعة وقليل منها يتسم بالحداثة، أما الجانب الآخر من المصاعب فهي في إعادة ما جمع من تلك اللوحات ومن مختلف مناطق المملكة وتكدسها في المستودعات المخصصة لها ثم إعادتها بعد اقتناء ما تقرره اللجان التي تقوم على تحكيم تلك المعارض.
أما الجانب الأجمل وما نعنيه في هذا المقال هو مستوى الأعمال وشجاعة تلك اللجان في اختيار الأصلح واستبعاد الأقل مستوى دون تردد فكانت تلك المعارض تزخر باللوحات الناضجة أو الأعمال التي تحمل مؤشرات لتميز أصحابها عكس ما نراه اليوم من فوضى الاختيار خصوصاً في مناسبات تحتاج للدقة والثقة في ما يجب عرضه للمشاهد لا أن يقذف بأعمال لا يمكن وصفها إلا بالرديئة والسيئة يقوم عليها منظمون لمعارض يهدفون منها إلى الكسب المادي أو بأن يقال عنهم مهتمون بالمواهب مع أنهم لا يمثلون جهات معنية بالفن التشكيلي جماعات أو قروبات تجمع الغث دون الثمين من هواة الفن.
قبل فترة تشرفت بدعوة من مؤسسة كلفت بتوثيق أعمال فنية سعودية من إرث مقتنيات الرئاسة العامة لرعاية الشباب، لوحات منها ما قدم في معارض مراسم الأندية وأخرى لمعارض المناطق ومعارض المقتنيات وصولا إلى معرض الفن السعودي المعاصر، الجميل في الأمر أنني استعدت خلالها ما كانت عليه الفنون التشكيلية السعودية من ازدهار وتنظيم وبرامج ومستوى فني لفنانين للأسف لم يعد لهم حضور من غير من توفاهم الله، أعمال تستحق أن يقام لها متحف خاص لبدايات هذا الفن تكشف ما بين ما كان عليه من جودة إبداع وبين ما نراه اليوم من ضياع للجهود في فعاليات تحتاج إلى تنظيم وإعادة نظر لتحقق الأهداف.