ثامر بن فهد السعيد
شهدت الأيام القليلة الماضية تطورات سياسية عميقه وكبيرة في الخليج حيث اتجهت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر وعدد من الدول الأخرى إلى ممارسة حقها السيادي تجاه دولة قطر بمقاطعتها سياسيا واقتصاديا، اتجهت الدول مجتمعة لهذه الإجراءات السياسية لحماية أمنها واعتراضا على ممارسات حكومة قطر سواء في تدخلها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة أو فيما يخص مكافحة تمويل الإرهاب والتعاطي مع هذه المنظمات. وهذه المقاطعة الدبلوماسية أتت بعد أن تثبتت الدول بما يقطع شكها باليقين لكل حرف سطرته في بيانها وصولا إلى قائمة الأسماء المشاركة التي تضمنت كيانات وأفرادا داخل وخارج دولة قطر ضمن دائرة الإرهاب. بكل ما قدمه البيان من وقائع وشواهد تكون حكومة قطر هي من كانت تسير باتجاه القطيعة خصوصا بعد أن نكثت كل المواثيق السابقة عندما سحب السفراء في العام 2014م.
ستبقى قطر الأرض جارة أبد الدهر لدول الخليج العربي وجزءاً من البيت الخليجي وسيبقى قطر الإنسان ممتدًا لكل أراضي الخليج العربي ولا سيما المملكة العربية السعودية حيث تعود المواطن الأصلية لقبائل جزيرة العرب ومنشأها، لذلك والأمر بيد القادة والسياسيين لا بد وأن تعود قطر الأرض إلى مجتمعها الأصيل وأتمنى ألا تطول المكابرة لأن ثمن هذه المكابرة مرتفع على قطر. فبمجرد إعلان الدول صاحبة السيادة قرارها السياسي بمقاطعة قطر تراجعت بورصة الدوحة بشكل حاد وارتفعت تكاليف التأمين على الديون السيادية القطرية وبالرغم من أن قطر شهدت تخفيضا لتصنيفها الائتماني حديثا إلا أن هذه الإجراءات وضعتها مرة أخرى في دائرة المراجعة لدى وكالات التصنيف الائتماني وهذا بدوره كان كفيلا لتحريك السندات الحكومية القطرية جنوبا لأن المستثمرين بدأوا بطلب عوائد أعلى لحمل السندات كما بدأت الفيفا بمتابعة الأحداث عن قرب لضمان قدرتها على تنظيم كأس العالم 2022 إذا ما استمرت المكابرة هذا كله على الصعيد الحكومي.
تجاريا تأثرت قطر وستتأثر أكثر كل ما استمرت في موقفها دون مراجعة أولوياتها فبداية الأثر التجاري كان من إيقاف كبريات شركات النقل البحري رحلاتها الملاحية إلى موانئ قطر كذلك فإن الخطوط الجوية القطرية فقدت شريحة مهمة من عملائها التي كانت تعتمد عليهم في الرحلات المواصلة حول العالم من السعودية, البحرين, الإمارات وكذلك مصر وحتى الرحلات القادمة للركاب المواصلين إلى المنطقة الخليجية ستتغير خطوط سيرهم بما يتماشى مع وجهاتهم. صناعيا قبل أيام أعلن عن إغلاق ثاني أكبر مصنع لغاز الهليوم في العالم وهذه أولى الآثار الصناعية أما الشركات العقارية القطرية فبجانب انخفاض أسعار أسهمها في السوق فقد تعرضت صكوكها المصدرة إلى تراجع ملحوظ دفع بعوائد هذه الصكوك لتتجاوز 10% وهذا يفسر قلق المستثمرين, بل حتى إن الشركات التابعة لهم في الدول الأخرى مثل فاينانس بنك في تركيا والمملوك لقطر الوطني شهد تراجعا في سعره وفي تسعير صكوكه المصدرة حديثا هناك, أخيرًا بدأت البنوك القطرية برفع سعر الفوائد التي تقدمها على ودائع الدولار خشية أن تتأثر البنوك القطرية بشكل أكبر وخصوصا من خروج أموال المستثمرين من قطر وسحب الودائع.
لقطر الدولة دور في منظمة أوبك ولكن دورها الأكبر في تصدير الغاز المسال عالميا وفي حال عجزت قطر عن الوفاء لعملائها بشحناتهم من الغاز أو تأخرت فيها ستكون موثوقية الغاز القطري أقل مما كانت عليه بكثير وسيفتح الأبواب أيضا لمنافسيها عالميا خصوصا القادرين على إمداد الدول بالغاز ولهذا تأثير مباشر على الإيرادات الحكومية القطرية.
اليوم من يعيش في قطر أصبح مرغما على منتجات لم يعتد عليها ولم تكن ذات موثوقية بالنسبة له وفوق هذا فهو مضطر لدفع تكاليف أعلى لهذه البضائع جراء توقف النقل البحري والبري والاعتماد على النقل الجوي وتكاليف الباهظة بسبب طول الرحلة وتكلفة التأمين, أدعو الله أن تعود قطر إلى بيتها الخليجي قبل أن تلحق الضرر في مكاسبها الاقتصادية المحققة سابقا.