هاني سالم مسهور
مع نشر هذا المقال سيكون اليمن سجل الوفاة رقم (1000) بسبب وباء الكوليرا، فلم تَعُد الجهود الممكنة لغير تسجيل عدد الإصابات والوفيات بهذا الوباء الذي اجتاح اليمن وفتك بالآلاف من المسنين والأطفال والنساء، حالة العجز في مواجهة الوباء الفتاك لم تأت من فراغ، بل من انقلاب حوثي غادر أخذ من عمائم طهران أفكاره فتكدست القمائم في شوارع صنعاء فتسلل الوباء ليقتل الأبرياء.
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، أن الأطفال يمثلون قرابة 50% من الحالات المشتبه بإصابتها بالوباء، وقال تقرير لمنظمة الصحة إنه تم تسجيل 129 ألفاً و185 حالة اشتباه بالمرض، بينها 942 حالة وفاة، فتفشي وباء الكوليرا قضى على ما تبقى من النظام الصحي في اليمن الذي مزقته الحرب، المستشفيات والمرافق الصحية تكابد الأمرين في التعامل مع العدد المتزايد من المرضى ، إضافة إلى أن الأدوية والمحاليل الوريدية تستنفد بسرعة بسبب زيادة المصابين.
ارتفعت الإصابات بالكوليرا بشكل فضيع تقرير على قناة سكاي نيوز عربية تحدث عن تسجيل معدل إصابة بالمرض كل دقيقة داخل العاصمة صنعاء، معدل الإصابات المخيف تحول إلى أرقام، فلم يتم بحث معالجة الأسباب، فلقد عجز الانقلابيون عن دفع رواتب عمال النظافة كذلك عجزت الحكومة الشرعية عن ذلك، بينما يواجه 17 مليوناً يمنياً شبح مجاعة وشيكة بسبب انعدام الأمن الغذائي وأكثر من مليوني طفل يعانون من سوء التغذية.
في أقل من عام واحد ظهر وباء الكوليرا في اليمن، مؤشراً على انهيار المنظومة الصحية والوقائية في البلاد التي تعيش صراعات سياسية وانقسامات حادة، من أجل الاستحواذ على سلطة هذه البلاد المصابة بالأوبئة، الأرض اليمنية خصبة لاحتضان هذه الأمراض فكل مسبباتها موجودة.. متصارعون على السلطة وفاسدون في إدارة موارد البلاد، حوثيون أو إخوان مسلمون كلاهما يستخدم شعارات سماوية من أجل القتل.
في زمن الكوليرا اليمن يموت وتعيش فيه تركة من الأضغان التي خلفها السياسيون عبر صراعاتهم غير المنتهية، أمضى اليمن خمسين عاماً ليكتب هذا الفصل من زمن الكوليرا، زمن تسطو فيه المليشيات على العلاج ، وتبيعها على المعدومين في مستشفيات متهالكة لم تعد قادرة على الصمود أمام كل هذا الطغيان الحوثي، عن أي جيل يمني يجب أن نتحدث فهذا المحصود من الكراهية تبعث بحروب أخرى لن تنتهي حتى وأن تراجع موسم الكوليرا، فاليمن لن يخرج من أمراضه وأسقامه حتى يدرك المتصارعون على سلطة الحكم أن هناك ملايين من البشر يدفعون الثمن رخيصاً ورخيصاً جداً.