علي الصحن
في العام 1984 برز اسم المدرب الوطني خليل الزياني بعد نجاحه في قيادة المنتخب السعودي إلى إنجاز لافت وهو الفوز بكأس أمم آسيا في سنغافورة، في إنجاز غير مسبوق للكرة السعودية.
بدأ الزياني مسيرته كمدرب بعد اعتزاله كرة القدم في فريقه الاتفاق عام 1973م، وقبل تدريبه المنتخب كان الزياني يدخل التاريخ مع الاتفاق بتحقيق بطولة الدوري السعودي ثم بطولة أندية الخليج، التي سجلت كأول إنجاز خارجي في تاريخ الأندية السعودية، وفي العام 1986 انتهت مهمته مع المنتخب بعد الخروج من المنافسة على كأس الخليج السابعة في البحرين.
لم يتوقف الزياني عند هذه المحطة، فقد عاد للاتفاق وواصل مع مسيرة مميزة، ثم مارس مهامه كمدرب محترف، وخلع الشعار الاتفاقي الذي ارتبط معه منذ يومه الأول مع كرة القدم، ودرب في الجارين النهضة والقادسية، وفي موسم 1999 درب فريق الهلال، وقدم معه مستويات جيدة لكنه لم يفلح في تحقيق الذهب الذي تعوده الهلاليون.
يعتبر خليل الزياني أبرز مدرب وطني، ولا يمكن الحديث عن المدربين الوطنيين دون أن تذهب الذاكرة وتشير الأصابع إلى حيث يقف الرجل الذي يرجع كثيرون الفضل له بعد الله في تنامي ثقة الأندية بالمدربين الوطنيين، لاحقاً برزت عدة أسماء تدريبية مع عدة أندية ومع المنتخبات، منهم محمد الخراشي وناصر الجوهر وخالد القروني وعبدالعزيز العودة، وعلى مستوى المساعدين برز حمد الخاتم والسلوة مع منتخب الناشئين، أيضاً كان هناك مدربو (طوارئ) تستفيد منهم الأندية عند إلغاء عقد مدرب أجنبي لحين وصول البديل، أو في بداية مرحلة الاستعداد، أو كمساعدي مدربين من أجل تقليص النفقات.
نادراً ما يحظى المدرب الوطني بثقة الأندية، وعندما يحظى بها كمدرب رئيس، فنادراً ما ينجح، ويظل الجمهور المتابع يرى أنه أقل من فريقه، وإن أبدى به إعجاباً، فمن أجل تاريخه كلاعب، أو من باب المجاملة لا أقل ولا أكثر.
المؤسسة الرياضية لم تدخر جهداً في سبيل صناعة المدرب الوطني، ولم تبخل في منحه الفرص حتى مع المنتخبات الوطنية وفي مناسبات كبرى، يجدر القول هنا إن ما منحته المؤسسة الرياضية للمدرب الوطني يفوق ما قدمته له الأندية، من إعداد وتأهيل وفرص ومادة ...الخ.
الزياني درب المنتخب في بطولة آسيا في مرحلة مبكرة من مشواره التدريبي، ناصر الجوهر درب المنتخب في المونديال، الخراشي درب منتخب الناشئين في غير بطولة دولية، القروني درب منتخب الشباب في المونديال وتبعه سعد الشهري.. مثل هذه الفرص، في مثل هذه المناسبات لم يحصل عليها المدربون في أنديتهم.
المؤسسة الرياضية أيضاً وضعت مراحل عدة في سنوات خلت لتطوير المدرب الوطني، حثت الأندية على تعيينهم مساعدين للأجانب، أبدت استعدادها لدفع جزء من مرتباتهم حال عملهم بالأندية، لكن الأندية تقابل ذلك بفتور وبرود ولا تبدي نفس الحماسة التي تبديها المؤسسة.
مشكلة بعض المدربين الوطنيين من وجهة نظري هي الرغبة في البدء من القمة مباشرة، رغم أن دونهم والوصول إليها خرط القتاد، ومتابعة مشوار غيرهم من الناجحين تكشف دائماً أن الطريق لها ليس مفروشاً بالورود، وأن الحظ أو السمعة الطيبة في الملاعب لا يمكن أن تصنع مدرباً ناجحاً في النهاية.
ومشكلة بعض المدربين الاستسلام أمام النقد الإعلامي والجماهيري وشخصنة الأمر والابتعاد به عن الأمور الفنية، رغم أن الناقد في الغالب يقول رأيه بناء على ما يشاهده من عمل، وبناء على أرقام ونتائج يستند عليها.
ومشكلة بعض المدربين أنه يتجاوز حدوده كمدرب، ويريد أن يكون هو المدرب والإداري ومصدر كل القرارات في النادي، وأن يستأثر بكل الضوء فيه، رغم أن لكل مدرب ولكل إداري حدوده العملية في النادي، ولكل مسؤول مهامه فيه، يجب عدم تجاوزها والتعدي عليها.
ومشكلة بعض المدربين أن طموحه توقف عند نقطة معينة، فهو يعتقد أن تدريبه للفريق الأول هو النهاية، بغض النظر عن النتائج، ودون أن يفكر في الخطوة التالية وكيف يصل إليها.
ومشكلة بعض المدربين أنه لم يحدد توجهه من البداية حتى النهاية، فهو في يوم مدرب وفي يوم عضو لجنة فنية، وفي آخر عضو مجلس إدارة أو إداري، ثم مساعد مدرب، ويوماً تجده محللا يتحدث عن كل شيء ويفتي في كل الأمور في برنامج تلفزيوني.
مشكلة بعض المدربين أيضاً هي عدم التفرغ لمهنته، فتجده مدرباً في المساء، وموظفاً في الصباح، مما يشتت ذهنه ويضعف تركيزه، ويجهده من الناحية البدنية، ومشكلتهم أيضاً أنهم لا يريدون أن يسمعوا شيئاً غير الإشادة والمديح و(التطبيل) أما من ينتقد عملهم فيصفونه بأنه (يحاربهم) أو يقف ضدهم من أجل أشياء خاصة لا علاقة لها بما يقدمونه من عمل !!
بعض المدربين يرى أن التدريب مجرد وظيفة يزيد من خلالها دخله المادي، وليس مهنة يخلص لها ويتعلم كل جديد فيها، فيرضى أن يواصل عمله في الظل بلا طموح ولا هدف ولا تخطيط للمستقبل، ويقبل بأي مهمة يضمن من خلالها استمرار أجره في النادي، ويضمن فيها أن أحداً لن يلتفت له ويقلل من عمله.
التدريب علم وفن وموهبة وطموح، وعندما يفقد المدرب أياً من هذه الأربع فإنه سيعاني في سبيل الوصول إلى هدفه، لذا ما زلنا بانتظار المدرب الذي يجمع هذه الأربع ويعيد نجاحات مدربين سابقين قادهم الطموح والموهبة لتجاوز كل الصعاب والعراقيل وتحقيق جزء من أهدافهم، وإقناع الناس بما لديهم... كله أو جله.