يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابة الكريم: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} سُورة البقرة آية (261).
حيث إن الصّدقة تعتبر شعاراً للمتقين وزكاة للنفس البشريَّة وطهرة للبدن ومرضاة للرب حيث إن ديننا الاسلامي الحنيف حث على الصّدقة والعطف على إخوة لنا أصابتهم نوائب الدهر وحاصرتهم الكوارث يتلهفون ليد حانية تنتشلهم من قسوة هذه الظروف.
ومن فضائل تلك الصّدقة مباركة للمال كما قال تعالى في محكم كتابة الكريم: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} سُورة سبأ آية (39).
حيث إن البخلاء أضيق النَّاس صدوراً وأخلاقاً لأنهم بخلوا بفضل الله -عزَّ وجلَّ- ولو علموا أن ما يعطونه النَّاس إنما هو جلب للسعادة والسرور وإزالة للهموم والكدر.
ولقد وصف نبي الرَّحمة مُحمَّد صلوات الله وسلامه عليه البخيل والكريم برجليْن عليهما جُبَّتانِ، فلا يزالُ الكريمُ يُعطي ويبذلُ، فتتوسَّعُ عليه الجبَّةُ والدِّرْعُ من الحديدِ حتى يعفُوَ وأثرُه، ولا يزالُ البخيلُ يمسكُ ويمنعُ، فتتقلَّص عليهِ، فتخنقهُ حتى تضيق عليهِ روحهُ - كما قال الحق تبارك وتعالى الله في محكم كتابه: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} سُورة البقرة آية (265).
وتؤكد الأحاديث النبوية أن الإحسان إلى الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والعجزة والمرضى أمر مطلوب - ويقول نبي الرَّحمة: {صنائعُ المعروفِ، تَقي مصارعَ السوءِ- وأهلُ المعروفِ في الدنيا، هم أهلُ المعروفِ في الآخرةِ} رواه الحاكم.
وكما جاء في الحديث: {اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ} رواه البخاري.
فقد منّ الله على عباده بمواسم الرحمة والمغفرة وجاء عليهم بأوقات البر والإحسان والخير والفضل والامتنان- فقد شرع لهم فيها من العبادات العظيمة ما تزكو به نفوسهم وتمتلئ خيراً وصلاحاً وبركة ونماءً وتشع نوراً وضياءً
وشهر رمضان هو شهر الأعمال الصالحات بفضل الله وكرمه ومضاعفة الصّدقات، خصوصاً أن الصّدقة طريق إلى الجنَّة وسبب من أسباب دخولها يقول الله تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء } سورة آل عمران (133- 134).
فإن الصّدقة تظلل صاحبها في وقت هو أحوج ما يكون إلى الظل يقول نبي الرَّحمة مُحمَّد صلوات الله وسلامه عليه {الْمَرْءَ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى بَيْنَ النَّاسِ}.
الصّدقة تعالج المرضى، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بالصَّدَقة}.
فإن النّفقة والجود والكرم والإحسان والبر وصلة الارحام تطيب في كل حال وزمان فهي تزكو وتتضاعف حسناتها في شهر رمضان المبارك ويقول عليه الصَّلاة والسَّلام في الحديث الذي رواه الإمام أحمد ومسلم في صحيحه: {كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ}.
وقال عليه الصَّلاة والسَّلام: أفضل الصّدقة جهد المقل، وابدأ بمن تعول. - الصّدقة سترك من النار، وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَا عَائِشَةُ اسْتَتِرِي مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنَّهَا تَسُدُّ مِنَ الْجَائِعِ مَسَدَّهَا مِنَ الشَّبْعَانِ}.