«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
أيام رمضان المباركة تركض بخطى سريعة وها نحن تجاوزنا نصفه. وما زال البعض منا يواصل تقديم التهاني بقدومه الميمون ومع هذا هناك جانب آخر في رمضان خصوصاً في لياليه الخيّرة المعطّرة بالإيمان والروحانية.
وسوف أكتب هنا عنها في «إطلالة هذا اليوم كيف كان يقضى الأطفال في الماضي ليالي رمضان والتي تتسم عادة بساعاتها الطويلة التي تمتد عادة من بعد صلاة التراويح لتستمر حتى ساعة السحور .
عندما كنا أطفالاً صغاراً كنا عادة نتجمع بجوار بيوتنا أو وسط (البراحة) وهي ساحة عادة تكون موجودة بين الأحياء «الفرجان» وبمساحة لا تتجاوز الـ2000 متر مربع وتكون ملتقى ثلاثة طرق أو أربعة. وفي هذا الساحة «البراحة» تُقام فيها المناسبات الاجتماعية لأهل الحي.
هروباً من عدم وجود مكان متسع في بيوتهم لصغرها.. يستثنى من ذلك بعض بيوت الأثرياء من الأعيان والميسورين، حيث يوجد داخل بيوتهم مساحة كبيرة تتسع لمناسباتهم واحتفالاتهم.. في هذه الساحة «البراحة يجتمع الأصدقاء والمعارف وأبناء العمومة لممارسة ألعابهم الشعبية وهي عادة كثيرة. بحيث تجد مجموعة تلعب لعبة (القب) وأخرى تمارس لعبة (الهول) وثالثة تلعب (الغميمة) ورابعة تمارس لعبة (الخطة) وخامسة تلعب لعبة طاولة (الكيرم) وهكذا عشرات الألعاب الشعبية المتوارثة أباً عن جد يقضي بينها الأولاد يعضاً من ساعات ليل رمضان في سعادة وبهجة.
تحت أضواء الاتاريك والفوانيس، حيث بعض أصحاب البيوت التي تقع على (البراحة) يقومون بتعليق «الاتريك» أو الفانوس حسب ما يتوفر لديهم للمساعدة في إضاءة «البراحة»، بل إن بعض البيوت يوجد أمامها «دكك» لجلوس صاحب البيت ورفاقه لتبادل الأحاديث والاستمتاع بمشاهدة الأبناء وهم يمارسون ألعابهم، بل إن بعضهم يقوم باللعب مع من يجلس بجواره على «الدكة» لعبة تتناسب مع الجلسة كلعبة «الخطة» أو أحجار الدومينو.
وفي بعض الليالي الرمضانية تتحول إلى مائدة مكشوفة لتناول طعام «الغبقة « المشتركة أو حتى السحور يشارك في تقديم ذلك أهالي الأولاد.. مشاهد ما زالت في ذاكرتي كوني شاركت فيها من خلال اللعب مع أبناء عمومتي وأبناء الجيران في حي (السياسب) بالمبرز، بل قمت برسم العديد من اللوحات التي تجسد هذه الألعاب الشعبية. بعضها لم تتح لي فرصة توثيقه بالصور لعدم وجود كاميرا لدي أيامها والبعض الآخر وثقته.
كما هي حال هذه اللوحة المرافقة لهذه السطور وهي تجسد في جدارية كبيرة مختلف ألعاب الأولاد في الماضي والتي كانت عادة ما تمارس بكثرة وباهتمام بالغ من قبل الأولاد.
وبالمناسبة كانت البنات يمارسن بعض الألعاب داخل بيوتهن مثل لعبة (الغميمة) وشليني وشيلك والحبلية وحادي بادي. والدروفة وعديل الملح واللقصة وحتى الكيرم ولعب الورق والدومينو ... إلخ.
ومع هذا لا ينسى الأولاد والبنات قراءة القرآن الكريم وختمه. فسوف نتناول ذلك في إطلالة قادمة بمشيئة الله.