د. عبدالرحمن الشلاش
لا يمكن فهم ما يجري في قطر دون فهم أبرز عنصر شريك للحكومة القطرية وهم «الإخوان المسلمون». جماعة الإخوان التي تأسست في مصر تفهم الإسلام حسب ما أدلى به مؤسسها حسن البنا بأنه عقيدة وعبادة ووطن وجنسية وروحانية وعمل ومصحف وسيف، ويقوم منهج الجماعة على أنها دعوة سلفية سنية صوفية سياسية رياضية علمية ثقافية اقتصادية اجتماعية .من وسائلها التربوية الأسرة والكتيبة والرحلة والمعسكر والمخيم والدورة والندوة والمؤتمر وتقوم في هيكلها التنظيمي على الخلايا السرية والولاء المطلق للحزب غايتها تكوين الخلافة الإسلامية من منظور سياسي. تركز نقد علماء السلفية لجماعة الإخوان في إهمالها للدعوة للتوحيد وتقصيرها في محاربة البدع وأنها جماعة حزبية يؤدي عملها إلى تفريق المجتمع إلى أحزاب وجماعات إضافة لمخالفتهم لولاة الأمور.
وصلت أولى طلائع الإخوان من مصر إلى قطر عام 1954 على إثر التوترات مع الحكومة المصرية آنذاك وكان منهم عبد البديع صقر ويوسف القرضاوي وعبد المعز عبد الستار وأحمد العسال وكمال ناجي وغيرهم. وصولهم أحدث انبهارا من قبل شعب قطر المحافظ والبسيط في ذلك الوقت لذلك قاموا بأدوار كبيرة ومؤثرة جدا في المساجد وصياغة المناهج التعليمية واختيار أعضاء هيئات التدريس في كل المراحل مع منحهم ثقة كاملة مكنتهم من العمل وفق أجندتهم بخفاء وسرية حتى لا ينكشف أمرهم.
عاشت قطر بين عامي 1960- 1980 مرحلة نشطة من التلقي الفكري الإخواني عبر المخيمات والمعسكرات والرحلات دخلت بعدها مرحلة التنظيم . لكن أمورا حدثت في عام 1999 أدت إلى حل التنظيم كونه لا ينسجم مع أنظمة البلاد وتحول إلى تيار يتسع للقاء والحوار والتحرك برعاية ودعم الحكومة وفق رؤية مستقبلية بعيدا عن التنظيم الحزبي المحدود. التيار حدثت بينه وبين السلطة حالة تزاوج وتحالف وفق أهداف مشتركة لتنفيذ الأجندة الإخوانية في عدد من الدول العربية بقوة المال من الحكومة وتحت ستار الدين من الإخوان.
تحول القرضاوي إلى مفتي يجيز لحكومة قطر ما يحرمه على غيرها وتوظيف الإعلام عبر قناة الجزيرة لإشعال الفتن بفكر إخواني مسيس. الدوحة لم تجن الكثير من تيار الإخوان والذي جعلها في مواجهة مباشرة مع أشقائها. حتى الآن دفعت الحكومة المليارات من أجل التمكين للإسلام السياسي متمثلا في الإخوان في ليبيا وسوريا ومصر لكن جهودها لم تحقق النجاح المأمول فهي تواجه مقاومة عنيفة في ليبيا فيما باءت بالفشل في مصر وتنحسر حاليا في سوريا بل تدور في حلقة مفرغة .
حكومة قطر خاسرة تماما في ظل بقاء هذا التيار الذي ورطها بتسميتها دولة داعمة للإرهاب ومكروهة من معظم الدول وغير متوافقة مع جيرانها لذلك يبقى الخيار الوحيد أمامها بالتخلص منه ومن رموزه إلى الأبد والعودة إلى الصف.