حمد بن عبدالله القاضي
عُرفت سياسة المملكة بالحكمة والتأني عند اتخاذ أي قرار، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الخارجية مع كافة الدول بالعالم فما بالكم بدولة شقيقة
لكن المملكة صبرت وتحملت وحلمت كثيراً على دولة قطر وعندما وصل الأمر إلى استقرارها وأمنها ومصالحها نفد صبرها، فكان لابد من اتخاذ القرار الحازم المناسب.
ولم يكن هذا أول أجراء بشأن تصرفاتها، ففي عهد الملك فهد ثم في عهد الملك عبدالله كان منها ممارسات للإخلال بأمننا، واتخذا - رحمهما الله - إجراءات بحقها ..
* * *
إنّ هذا بالضبط تاريخاً وحاضراً هو توصيف ما حصل الآن من قطع العلاقات مع قطر وما تبع ذلك من إجراءات، مؤملة بلادنا أن يحقق قطع العلاقات هدفه في رجوع قطر عن أعمالها الخاطئة ومناوراتها، وهذا الإجراء إنما هو لأمن المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي واستقرارها ومن ضمنها دولة قطر.
* * *
لقد جاء القرار الصعب من القيادة السعودية من منطلق «ما حيلة المضطر إلاّ ركوبها» مادام لا يوجد إلا هذا السبيل لتعود قطر إلى صفها الخليجي، وتبتعد عن كل ما يؤثر على أمنها وأمن شقيقتها.
* * *
إنه قرار حزم لجأنا إليه وإجراء تحتم اتخاذه لعل قيادة قطر تراجع مواقفها، وتدرك أخطاءها وتوقن أنّ ليس لها بعد الله إلا شقيقتها الكبرى «المملكة» وشقيقاتها «الأخريات»، فهي الدول التي يجمعها معها الدين ولتاريخ واللغة والأمن والمصير المشترك.
أما ملالي إيران فمن يثق بهم فهم يتمنون أن تزول دولنا عن الوجود بما فيها قطر ليكون لها السيادة على خليجنا وثرواته وقدراته.
إنّ كراهية إيران الصفوية ليست بسبب مصالح تبقى وتزول، ولكنه خلاف عقيدة وتاريخ ومصير وحقد متوارث.
إنّ على قيادة دولة قطر أن تتأمل وتتدبّر قول الحكيم العربي منذ أكثر من ألف عام « إنما يأكل الذئبُ الغنمَ القاصيةَ»، وهذا هو الذي ينطبق على قطر حالياً، فهي بابتعادها عن السرب الخليجي واتخاذها مكاناً قصياً عنهم، سيجعل الذئاب الفارسية الطامعين في ثرواتها يستولون عليها ويأكلونها !
* * *
وليدرك الشعب القطري الشقيق أنّ قرار المقاطعة وما تبعه من إجراءات لا يتوجه لهم البتة، فهم بقلب قائدنا الملك سلمان وقلوب الشعب السعودي،
لقد استثنى خادم الحرمين من قرار المقاطعة ما يضر بهم كالإجراء الذي تم بشأن الأُسر ذات القرابة بحيث لا ينالهم قطيعة أو تفرق، ومثل القرار الخاص بما ييسر عمرتهم شأنهم شأن أي شقيق مسلم، فالتيسيرات تقدم لهم والفنادق تفتح ذراعيها لهم والأمن مظلة لهم.
ما حصل من قطر ليس خطأ من شعبها الشقيق بل أخطاء من حكومتهم ردها الله إلى طريق الصواب.
* * *
فيا قطر العزيزة علينا ؛ لتدركي أنّ هذه المقاطعة تصب في مصلحتك ومصلحة استقرارك وصالح شعبك، فلتراجعي سياستك ودعي مغامراتك وعودي إلى صفك ، وأصلحي وضعك مع أشقائك الذين لا يطمعون منك بثروة أو يطمحون إلى مطمع مادي أو سياسي.
* * *
لا ضير عليك إذا رجعتِ فالرجوع إلى الحق فضيلة، لكن التمادي بالأخطاء هو القاتل الذي سينال من استقرارك وأمن شعبك.