د. محمد عبدالله العوين
عاش حمد بن خليفة أحلام اليقظة طوال السنوات الماضية بأن تتفكك المملكة - حماها الله - ويفوز بالنصيب الأكبر منها وتخرج قطر من لسان خليج إلى دولة حقيقية تتمدد في شبه الجزيرة العربية وينسى ذلك التاريخ القديم الذي تلمز فيه قطر بصغر مساحتها وقلة عدد سكانها وعجزها عن التأثير في القرار الخليجي والعربي والإسلامي.
ولأن والده الشيخ خليفة ومن سبقه من شيوخ إمارة قطر لم يكونوا يلتفتون إلى مثل أوهامه وضلالاته النفسية؛ فكانت الصلة التي تربطهم بالمملكة وبقيادتها في عهود الدولة السعودية الثلاثة تتصف بمشاعر الأخوة والتعاون المشترك؛ فعزم على الانقلاب على والده لتنفيذ ما يحلم به من أوهام.
وهداه تفكيره الشيطاني إلى استمالة أبناء المملكة بإظهار التقدير والاحترام لما يجلونه ويقدرونه من المعاني والقيم الدينية؛ فأنشأ جامعا كبيرا في وسط الدوحة وفي موقع ممتاز وأولاه عناية خاصة وأطلق عليه اسم الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - واتخذ منه إلى جانب التضليل بالاسم سببا للالتقاء بكثيرين ممن يوجه لهم الدعوة للخطابة في الجامع لتوثيق الصلة بهم واستمالتهم وكسب ولائهم بالعطايا والهبات.
هذا ما أشرت إليه في مقالي السابق وأثرت علامة استفهام كبيرة حول قدرة حمد بن خليفة الجمع بين متناقضين؛ الإخوانية والسلفية، وإيهام الناس بأنه لا عداء له مع منهج السلف الذي تنهجه المملكة، والدليل إنشاؤه الجامع باسم الشيخ المجدد، وأن احتضانه جماعة الإخوان المسلمين لا يعني انفصام قطر عن تاريخها القديم وصلتها الفكرية الوثيقة بعلماء المملكة؛ رغبة في كسب الود والاحترام والقبول؛ تلك كانت المسألة الأولى في نطاق سعيه للوصول إلى تحقيق هدفه الدنيء بخلخلة استقرار المملكة وإثارة الفوضى فيها واقتسام نصيب منها أو إسقاط نظام الحكم السعودي وأنه البديل الأفضل - حسب زعمه - لأنه ينتمي إلى قبيلة كبيرة ذات تاريخ مجيد، واجتهد في التواصل مع العوائل التميمية في نجد والإحساء، ودعاهم أن يظهروا انتماءهم إلى القبيلة الأصل في أسمائهم ولا يكتفون بإظهار الفرع؛ رغبة منه في تعظيم شأن القبيلة؛ لأنه سيعتمد عليها لاحقا في خطته اللئيمة، ولا زالت - بالمناسبة - إذاعة الدوحة تمجد أمير قطر في أناشيدها الوطنية بكونه تميميا. ولم يكتف بذلك الادعاء السطحي مكشوف الغايات للنابهين؛ بل تقدم خطوة أبعد أرى أنها أكثر حماقة وانكشافا وسذاجة من الأولى، فقد ادعى أنه ينتسب إلى آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأنه يلتقي بالشيخ المجدد في الجد السادس عشر، وتحدث عن ذلك في مناسبات متعددة، وسعى إلى توثيق صلته بعدد من أفراد أسرة آل الشيخ الكرام الذين لم يكونوا يعلمون غاياته البعيدة؛ إلا أن أسرة آل الشيخ أصدرت بيانا موقعا من عدد كبير من أعيانها يستنكر ادعاء انتساب أسرة آل ثاني إلى آل الشيخ ويرفض زعم حمد بن خليفة بأنه يلتقي في جده السادس عشر بالشيخ المجدد ابن عبد الوهاب.
وليس من دليل جلي بين على ما يبطنه حمد بن خليفة في التقرب من أبناء المملكة والتودد إلى قبائلها أقوى من زيارته الغريبة إلى «أشيقر» واستجابته لدعوة أحد فضلائها من أسرة آل الشيخ الذي لم يكن يدرك حتما ما وراء رغبة الشيخ حمد المبطنة التي فسرها ظاهرا بأنها اشتياق إلى زيارة موطن أجداده قبل قرنين ونصف من الزمان ليس إلا؛ غير أن جمعا كريما من أبناء مدينة «شقراء» أدرك الغايات البعيدة من وراء تلك الزيارة المنكرة التي ليس لها أي سبب منطقي معقول؛ فأصدر ذلك الفريق بيانا موقعا من عدد من فضلاء شقراء يشجبون زيارة أمير قطر السابق، ويكشفون بوعي رائع دوافعها بأنها تهدف إلى إحياء العصبية القبلية المقيتة « لتفريق صفنا وتمزيق وحدتنا، كما سبق وفعل في ما يسمى بالربيع العربي عن طريق قناة الجزيرة الفضائية وأكاديمية النهضة».
وفشلت الخطة بنباهة وإخلاص أهالي شقراء.