محمد سليمان العنقري
الإعلام أحد أهم الأسلحة للدول ويعد ركيزة أساسية في المجتمع لأنه وسيلة الاتصال مع الجمهور ومؤثر كبير على الأفراد من خلال الوسائل الإعلامية كالصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعة والإعلام الجديد عموماً وفي السعودية للصحافة على وجه الخصوص تاريخ طويل يمتد لعقود طويلة تطورت بها من اجتهادات الأفراد بإصدارها إلى مؤسسات صحفية كبيرة ولها حضورها القوي في المجتمع وتوجد دائماً مع الحدث بكل الامكانات التي تمتلكها.
وفي الملفات العديدة خصوصاً السياسية التي تواجهها المنطقة ظهر دور الإعلام عموماً والصحافة الورقية خصوصاً بأهميته والاعتماد عليه بتقديم الآراء وتحليل الأخبار لأن جزءًا أساسيًا من المعارك التي تدور بالمنطقة منذ سنوات كان للإعلام دور رئيس بها، وفي ملف الأزمة القطرية كانت الصحف المحلية الورقية حاضرة بقوة وعملت على كشف الحقائق للمجتمع بل وللعالم العربي عن كل ما خططت ودبرت له قطر للعبث المنظم بأمن واستقرار المنطقة.
وقد برز للجميع أهمية دور القوة الناعمة الممثلة بالإعلام بكل وسائله في صناعة صورة عن قطر على مدى العقدين الماضيين أسهمت بتضليل كبير لحقيقة دوافعها من سياساتها لكنها بذات الوقت قدمت مشاريعها السياسية ورسخت صورة عن قطر في الشارع العربي والخليجي واتضح حجم الانفاق القطري على وسائل إعلام عديدة من قناة الجزيرة إلى صحف ورقية وإلكترونية بمبالغ ضخمة جداً شكلت بالنسبة لها آلة إعلامية كبيرة خدمتها كثيراً بأهدافها التي تم تعريتها بأكثر من مرة في السنوات الماضية لكن بالأزمة الحالية كان لإعلامنا عموماً صوت وايقاع مختلف وسقف مفتوح أظهر جلياً القدرات الكبيرة التي يمكن للصحافة على وجه الخصوص أن تؤثر بها وبكوادر بشرية وطنية عكس الآلة الإعلامية القطرية التي تعتمد على جنسيات عديدة يكاد ظهور الكوادر القطرية نادراً فيها.
لكن واقع الإعلام المحلي يتطلب دعماً مباشراً وغير مباشر لكي يتمكن من القيام بمهامه ويكون سباق لخدمة الوطن والمجتمع فالإعلام صناعة وله انعكاسات عديدة بالمجتمع والاقتصاد فالصحافة الورقية على سبيل المثال جل مواردها تأتي من الإعلانات وهو سوق متذبذب وحتى تتمكن من استقطاب الكفاءات وبمزايا عالية وحتى تتقلص نسب الاعتماد على الصحفي أو الإعلامي المتعاون ليكون متفرغاً ومتخصصاً بمجاله إضافة للاستثمار بتطوير هذه المؤسسات لتكون ذات تأثير محلي وإقليمي فلا بد من وضع استراتيجية حكومية تتضمن دعماً كبيراً للمؤسسات الصحفية بطرق وادوات مختلفة كي تستمر بتقديم دورها بالمجتمع ولخدمة الوطن والتحديات التي تواجهه على كافة الأصعدة، فصحيح أن الدعم للإعلام والصحافة الورقية قدم بطرق عديدة سابقاً لكن الظروف الحالية والتحديات المستقبلية تستوجب خطط من نوع مختلف تقع مسؤولية وضعها على عاتق وزارة الإعلام بالتعاون مع المؤسسات الصحفية لتغيير واقع موارد الصحافة المحلية سواء من خلال الدعم المالي المباشر كالقروض الميسرة وبتغيير بالأنظمة التي تعرقل رفع مواردها وتحسين أدائها.
ما قدمته الصحف الورقية المحلية في الأسابيع الماضية عمل وطني كبير ضمن واجباتها التي دائما ما تقوم بها وقد تميزت صحف عديدة كالجزيرة وعكاظ والوطن والرياض وبقية الصحف التي تتبع مؤسسات مهنية تكلف إنشائها وتشغيلها مبالغ هائلة، مما يوضح أهمية دعم الإعلام بكل أنواعه وعلى رأسه الصحافة الورقية كي تكون ذات تأثير أقوى يتناسب مع حجم ومكانة المملكة بالساحة الدولية سواء سياسياً أو اقتصادياً أو بالمحافل والأنشطة التي تبرز قدرات وإمكانات هذا الوطن المعطاء القائد في العالمين العربي والإسلامي.