منذ انقلاب مليشيا الحوثي وصالح على الشرعية استخدمت قطر الملف الإنساني منفذاً لتمرير انتهازيتها السياسية ورقصت على جراح اليمنيين بأسلوب مقزز، أكبرنا تلبيتها في البدء وصدمتنا بخذلانها وخداعها في منتصف الطريق، وراحت تعزف على وتر الجوع والألم، متناسيةً أن للإنسانية ذاكرةً لا تنسى، جاست بردائها واستبدلته مع السقوط برداء الملالي لتطعن العروبة في خاصرتها، ولو أنها اعتذرت عن المساندة آنفا لعذرناها فليسوا ملزمين بشيء، لكنه اللعب على التناقضات بمراهقتها السياسية التي لا تقدر العواقب.
سأسرد بعضا من مواقف قطر المريبة في المجال الإنساني ابتداء «بمؤتمر المانحين في الدوحة»
حيث قامت قطر بدعوة رجال المال والأعمال من كل دول العالم إلى قطر لتنفيذ مؤتمر المانحين لدعم المتضررين من الحرب في اليمن لم نعلم أين ذهبت تلك الأموال عقب المؤتمر والجميع لاحظ تغيبها في مؤتمر الاستجابة بجنيف حين بادرت كل الدول وفي مقدمتها دول الخليج، ومثل هذا الكثير والكثير وسأسرد بعض المواقف لها في هذه الأسطر.
الحلقة الأولى: تعز
1) فتنة نقل قسم العظام بكل تجيهزاته:
قطر أشعلت الشرارة الأولى للفتنة في تعز بين مختلف المكونات السياسية للشرعية بعد أن كانوا صفًا واحدًا في مواجهة الانقلاب.
كان أبناء تعز على قلب رجل واحد في مواجهة الانقلاب حيث تلاشت كل الانتماءات السياسية وأصبح الوطن قضية الجميع فتشكل أول مجلس عسكري نموذجي لليمن في تعز في الأشهر الأولى وتوالت الانتصارات، وتظافرت جهود أبنائها في العمل الإنساني بالمبادرات الرائعة فتشكل أول ائتلاف إغاثي نموذجي على مستوى اليمن بعيدا كل البعد عن الحزبية، بل جاء ومثله من المبادرات والمنظمات انتصارا للإنسانية، ودون أبناء تعز الانتصارات وبدأ إعادة تفعيل المؤسسات الحكومية بعد تحرير المدينة.. وهنا جاءت قطر لتخلط الأوراق بعد أن تم إغلاق أغلب المستشفيات وصمود الثورة وإعلان المستشفيات الاستغاثة أعلنت قطر رغبتها بتجهيز قسم العظام لمعالجة الجرحى واشترطت لتنفيذ مشروعها نقل كافة التجهيزات من قسم العظام في المستشفى الحكومي إلى مستشفى خاص إدارته تختلف سياسيا عن إدارة الثورة، لماذا لم يتم تأهيل أو دعم القسم نفسه بنفس المستشفى وهو مستشفى الشعب وصامد، باءت محاولات الإقناع بالفشل، فتعالت الأصوات بالرفض قبل حدوث فتنة وخلافات سياسية ولكنها رفضت إلا تنفيذ المخطط فانقسم الناس بين مؤيد للضرورة وتقدير الظرف ومعارض لما قد تحدث من فتنة وبدأت الانقسامات من هذه اللحظة فاختلف السياسيون وانتقل الخلاف إلى الجيش فانقسموا إلى فصائل وبدأت ولأول مرة المظاهرات والاحتجاجات بين مكونات الشرعية، وتوسعت الصراعات حتى في المجال الإنساني ولم تعالج حتى هذه اللحظة.
2) كذبة علاج جرحى تعز:
بعد الانتصارات المتوالية في الأشهر الأولى من الحرب في العام 2015 قدمت تعز العدد الأكبر من الشهداء والجرحى نظرا لتواجد 13 لواء عسكرياً يتبعون المخلوع صالح استهدفوا المدنيين بشكل عشوائي فكثر عدد الشهداء والجرحى، وكذلك الحال في مختلف الجبهات مثل عدن ومأرب فتقاسمت الجهات المانحة علاج الجرحى وأفاد وزير الصحة اليمني أن قطر تكفلت بعلاج جرحى تعز خلال لقائنا مع رئيس الوزراء السابق بحاح لمناقشة ملف الجرحى، وبدأت المعاملات والمتابعة وتجهيز التقارير وتشكلت لجنة طبية في الداخل ولجان متابعة في الخارج وبدأت اللجنة الاستعانة بوزراء وبحثنا كل السبل في المتابعة لعلاج الجرحى وحين الالتقاء بمندوب قطر بعد تنسيق وزير الصحة طلب تجهيز التقارير خلال أسبوعين وتم ذلك، وذهب جرحى عدن ومأرب ومختلف الجبهات كلهم للخارج للعلاج وجرحى تعز في الداخل ينتظرون قطر حتى طالت الفترة لأكثر من ستة أشهر فخرج الجرحى في مظاهرات احتجاجًا على الشرعية وكانت الجزيرة أول من نشر خبر الاحتجاج وبعدها تجاهلت قطر موضوع الجرحى تماما ليزداد الغضب الشعبي على الشرعية وكان أكبر تحد للمحافظ المعمري الذي تعين حينها، وبمجرد زيارة لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تم شرح الوضع لهم ووافقوا على الفور على علاج كل الجرحى الذين يحتاجون للسفر للخارج وتعاقدوا مع أربعة مستشفيات خاصة في عدن وثلاثة في تعز لعلاج جرحى تعز. وأنقذوا الموقف.. كما أعلنت الإمارات عن تخصيص 300 منحة لجرحى تعز ضمن الـ1500 منحة الأخيرة للجرحى إلى الهند، ويبقى السؤال ما هدف قطر؟ لا نستطيع إجبار أحد على فعل المساندة وليس من حقنا، ولكن لم كل هذه الوعود والخذلان الذي عاد أثره السلبي على الأبطال في الجبهات وبدأت تتراجع الانتصارات، بعد إهمال ملف الجرحى المقدس من قبل قطر التي طالما كنا نؤمل عليها الكثير ونشكرها. والله المستعان.
3) مستشفى خليفة العام بالتربة - تعز:
وعدت قطر بإعادة تأهيل مستشفى خليفة العام مع بداية الحرب وطلبت قائمة الاحتياج فتم تقديمها من إدارة المستشفى وكان هذا المشفى الوحيد في مدينة التربة مخصصا» لأكثر من 12 مديرية أثناء حصار تعز وتحرجت كل المنظمات من دعمه حتى لا تتحسس قطر لا سيما وأنها وعدت بتأهيله ولا يزال حتى هذه اللحظة ينتظر الوعود حتى خرجت الاحتجاجات ضد الشرعية بسبب إهمال هذا المشفى والوعود الكاذبة في إعادة تأهيله.
4) موازنة مستشفى الثورة:
التزمت قطر بتمويل موازنة مشفى الثورة وهو أكبر مشفى حكومي في المحافظة وكثرت المواعيد حتى خرج الناس في المظاهرات احتجاجا على الشرعية حيث تم تنفيذ أكثر من 20 وقفة احتجاجية وكانت قطر تتعذر بعدم وجود تجيهزات ومستلزمات طبية في المشفى فدعم مركز الملك سلمان للإغاثة المشفى بتجهيزات طبية وأجهزة وأدوية بعشر شاحنات وحتى هذه اللحظة لم تف قطر بوعودها. ماذا لو التزمت بوعودها أو اعتذرت وتركت غيرها يعمل.
لماذا في كل مشروع وهمي تعد به تؤجج الناس للخروج بمظاهرات ضد الشرعية ثم تنكث بوعودها بعد تحقيق مآربها؟
** **
- محمد المقرمي