سمر المقرن
قبل أيام، تروي لي صديقة عن حكاية زميلتها القطرية التي تشترك معها في نفس مجال العمل، وأنها متزوجة من سعودي وأم لأطفال سعوديين. كانت القصة مأساوية وهي تصف لنا ردة فعلها وبكاءها بعد صدور قرار قطع العلاقات مع قطر، كان الموقف مؤلما للغاية، قلت وقتها أنا على ثقة بأن الحكومة السعودية ستنظر في هذه الحالات الاستثنائية ولن تتركهم. وها هو سلمان الأب العطوف، لم تمضِ أيام قليلة حتى أصدر قراره الإنساني بمراعاة حالة الأسر المشتركة (السعودية- القطرية). وفي الحقيقة، نحن والشعب القطري حتى بدون وجود أي رابط نسب أو قرابة نرتبط معهم وجدانياً، ونحبهم ويحبوننا، وهم من الشعوب القريبة لنا في كل شيء، كما أننا نشترك معهم في كل الروابط بلا استثناء.
إن مقاطعة النظام القطري هي مقاطعة سياسية واقتصادية، لكن الشعوب لا يمكن أن تعيش مقاطعة اجتماعية، وما شاهدته من بعض الفيديوهات التي تسيء لأشقائنا في قطر كانت موجعة، لكنها قليلة وتظل حالات استثنائية بحاجة إلى مزيد من الوعي، والتأكيد على أن الشعوب لا دخل لها فيما يحدث من عراكٍ سياسي كان سببه النظام القطري الذي أوصلنا إلى هذه المرحلة.
رسالة سلمان الإنسان من خلال هذا القرار الجميل، هي رسالة محبة وفيها بث مباشر لتوعية الشعوب بأنها بعيدة عن هذه الأزمة، وأن أي نوع من الإساءة للشعب القطري الحبيب هو أمر مرفوض جملة وتفصيلا. بل إنها ردٌ مُفحم على الأبواق القطرية التي استخدمت قرار التعاطف مع الحكومة القطرية -كعادتها في ليّ أعناق القرارات والآراء- على أنه منع التعاطف مع الشعب القطري، وهذا غير صحيح، وها هو ملكنا يعلن عن تعاطفه بهذا القرار الأبوي الحكيم.
الشعب القطري ليس له أي ذنب في كل ما يحدث، بل إن ما يحدث من سلوكيات سياسية سلبية من قيادته يجعلنا نتعاطف أكثر مع هذا الشعب المغلوب على أمره، ويجعلنا نشعر بالمسؤولية تجاههم، فوالله إن تلك المشاهد التي رأيناها في محلات الأغذية وغيرها لا تفرحنا، بل تزيدنا غُبنةً وألماً على أحبتنا في قطر، ولعلنا في هذا الشهر الفضيل نضاعف لهم الدعاء بانكشاف الغُمّة، وأن يرحمهم الله -عز وجل- من تصرفات قيادتهم السياسية الطائشة، وأن تعود إلى رشدها، وإلى صواب الطريق.