أمل بنت فهد
من قلب الأزمات تولد الرحمات.. وتكشف الحقائق عن نفسها.. وتسقط الأقنعة.. وفي أزمة الخليج التي نعيشها اليوم حدث الكثير.. ومن عمق الألم انفجرت الحقيقة.. تذكرنا أن الشر يُقبل حيث يكون خونة الأوطان.. في كل مكان وكل زمان.. تُصنع الخيانة وتُدبر.. وأعظمها فتكاً حين يكون الخائن من أهل بيتك.. يأكل ويشرب معك.. ويجالسك ويعيش معك وتأمنه.. وفي قلبه حقدٍ ونفاق وأمنيات بشعة.. فإن سألت عنهم من هم؟ ومتى باعوا ذممهم؟ وماذا يريدون؟
إنهم معنا يعيشون منذ زمن طويل.. تعرفهم حين يكون الحديث عن الوطن.. وعن قياداته.. إنهم فعلياً حاولوا تجفيف العاطفة الوطنية.. كأنها تهمة.. كأنها نقيصة إيمان.. لأن العملية سياسية بحتة.. يُتخذ الدين ستاراً وذريعة.. في محاولة للي جذع الحقيقة وكسره.. كأن حب الوطن يتعارض مع حب الدين.. مع أنهما يسيران جنباً لجنب.. إلا أنهم حاولوا على مدى سنين طويلة كي يفصلوا التوأم.. حاولوا أن يجعلوا الحب مشروطاً بالتخلص من كل شيء.. حب الوطن.. حب الوالدين.. حب الحياة.. أي حب وكل حب.. ليكون الإنسان دون جذور تربطه.. ليكون سهلاً وقابلاً للتحول إلى مطية.. ليكون تابعاً لقضية ليس لها وجود أصلاً.. وهم فوق وهم.. وحلم زائف بالمدن الفاضلة.. وإعادة أمجاد الماضي!
وأتذكر حين ورد تعميم للمدارس لترديد النشيد الوطني صباحاً.. كانت ردة فعل المخدوعات بهم عجيبة جداً.. وكان عذرهم أنها بدعة! بل البدعة أن يكون النشيد الوطني مشكلة تستحق الإنكار.. هم أعداء الأوطان.. وأي سلوك يمكن أن يضخ الحياة في حب الوطن مرفوض.. وإن كان بسيطاً كترديد نشيد الحياة.. النشيد الوطني.
والسؤال الذي نسي المخدوع أن يسأله.. أين المشكلة حين أحب وطني؟ أين المشكلة حين أدين بالولاء للملك؟ والقائد!
إنهم يرون أنفسهم أحق بالعروش من غيرهم.. باختصار شديد وببساطة.. ولسوف يعدون بالكثير.. لكنهم لن يقدموا شيئاً.
خونة الأوطان ليس لهم ذمة.. وضمائرهم مخدرة.. لأنهم يدركون أن الخيانة لها تبعات القتل والتشريد والظلم وهتك العرض وكل الجرائم التي لا تخطر على بال.. لكنهم يمضون في أمرهم ولا يردعهم شيء.. عدا وقفة أهل الحق.. أهل الأوطان.. الذين يدركون أن الوطن كل شيء.. ودونه لا شيء يبقى.. وأن القائد أو الحاكم بشر يطمح لحماية الوطن وأهله.. لذا هو جدير بالحب والولاء والطاعة.
حين جففوا منابع العاطفة الوطنية.. ظناً منهم أنها ماتت.. فإذا هي متفجرة وهادرة جرفتهم إلى حتفهم.. وها هي عقول رجال ونساء الوطن تهب وترعد وتحرقهم.
نعم يا وطني.. اضرب عليهم بيد من حديد ونار.. إنهم أهل الخيانة ولا أمان لهم.. إنهم من فتح في صدر البشرية جراح عميقة.. فاحصرهم وعدهم عداً.