غسان محمد علوان
منذ انتهاء الموسم الماضي، ورغم تحقيق الهلال للبطولتين الأقوى والأغلى، إلا أن قضية اعتزال قائد الفريق ياسر القحطاني أخذت الحيز الأكبر تداولاً بين جماهير الزعيم. كنت قد غرّدت سابقاً: (الاعتزال هو قرار يخص اللاعب، استمراره في الفريق يخص المدرب، وتحديد مدة وقيمة العقد يخص إدارة النادي، فلم كل هذا الخلاف؟). العجيب في الموضوع أن ردود الفعل على هذه التغريدة التي لم أعبر من خلالها عن رأي أو قناعة شخصية، تلقيت بسببها ردوداً غاضبة من الطرفين الراغبين في استمرار ياسر والذين يرون عكس ذلك. للأسف أننا أصبحنا عند سماع أي رأي أو قراءة أي فكرة، نتجه فوراً لتصنيف صاحبها، مع أو ضد، ثم نبني ردودنا على هذا التصنيف دون محاولة فهم الرأي أو حتى مناقشته. والأعجب من ذلك، أن حب أي لاعب أصبح يستوجب كراهية غيره. فمن يحب ياسر، يسيء لسامي أو لناصر، والعكس صحيح. وكأن النقاش دون تلك الكراهية، ينزل صاحبه من مرتبة العاشق إلى ما دونها، فيستحضر الإساءات والكراهية نصرة لمن يحب. و بئس المحبة تلك، التي تستوجب الكراهية. وبسبب ذلك، رأينا مقارنات انتقائية تظهر ياسر بمظهر اللاعب الفاشل الذي لم يخدم الهلال إطلاقاً، وأن أقل لاعبي الهلال خبرة وتجربة أكثر فائدة منه. وفي المقابل، يحاول محبو ياسر أن يثبتوا للآخرين، أن وجود ياسر في الهلال (بعد توفيق الله)، هو السبب الأوحد لبقاء الهلال في المنصات، ولولاه لرأينا الهلال في الدرجة الأولى أو ما دونها. هذا الخلاف المتطرف حباً وكراهيةً لن يتضرر منه سوى الهلال فقط. فإن استمر ياسر سنرى الترصد له في كل حركة أو همسة، وإن رحل سنرى الشماتة عند أي تعثر أزرق والسبب (حوبة أبو عزوز). وهذه الأجواء الجماهيرية المحتقنة، والتي تصل دون شك للاعبي الفريق، لن تفيد الزعيم في مستقبل مشاركاته واستحقاقاته التي تتطلب من الجميع التكاتف لإنجاح موسمٍ جديد.
أما رأيي الشخصي في كل القضية، أن 187 دقيقة خلال 26 مباراة دورية، غاب عنها ياسر في 14 لقاء، ولم يبدأ أساسياً في أي لقاء شارك فيه، هي أوضح مؤشرات الرحيل وإنهاء حكاية (اللاعب) ياسر القحطاني. وما أجملها من نهاية تلك التي تكلّلت بلقبين كبيرين، حملهما القناص وشارة القيادة على ذراعه. فالمرحلة تتطلب حزماً وشجاعة أكثر مما نرى. فتعاقد الهلال مع مختار فلاتة، وتجديد التعاقد مع خربين، والتعاقد مع مهاجم أجنبي جديد، مع بروز لافت ومبهج لمجاهد المنيع وعبدالرحمن اليامي، لا يدع لياسر أفضلية حضور أو استمرار على الإطلاق.
الكاسر ياسر القحطاني، ذلك المهاجم الاستثنائي بكل تفاصيله في تاريخ الهلال والمنتخب السعودي، يجب أن يختار لنفسه نهاية تليق بكل ذلك التاريخ الذهبي الذي سطره بجهدٍ وتعب. وأن لا يجعل خاتمته تحددها كرة القدم رغماً عنه. فكرة القدم لا ترحم التاريخ، بل تحاكمك على وضعك الحالي لا غير.