جدة - عبدالله الدماس / تصوير - عبدالعزيز البرعي:
بعبق الماضي، ومن قلب المنطقة التاريخية في محافظة جدة، واصل مسرح «حكايا مسك» فعالياته لليوم الثاني على التوالي باستلهام قصص وبطولات المرابطين على الحد الجنوبي للمملكة، ضمن فعاليات مهرجان حكايا مسك، الذي تنظمه مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز «مسك الخيرية».
قصة وحكاية تعرض يوميًّا في تاريخية جدة عن أبطال الحد الجنوبي، كان لها الأثر الكبير في نقل صور تضحيات المرابطين هناك، وجعل الحضور يشارك الأبطال في دفاعهم عن الوطن.
تفاعل زوار مسرح «حكايا مسك» يوم أمس مع قصة أحد أبطال الحد الجنوبي، الذي استُشهد دفاعًا عن أرض الوطن قبل أشهر عدة؛ إذ عرضت شاشات «حكايا مسك» صورة للشهيد نايف الحربي، الذي وقف معها الزوار احترامًا للدور البطولي الذي قدمه من أجل حماية الوطن خلال مشاركته في حماية حدود المملكة منذ سنوات.
كانت قصة الشهيد نايف الحربي مؤثرة للحضور، ولاسيما أنه أُصيب في المرة الأولى ليعود إلى أسرته، وبعد شفائه من الإصابة طلب العودة إلى ميدان الدفاع عن الوطن، لكنه لم يستمر طويلاً قبل أن يستشهد في حدود المملكة بمنطقة نجران.
ولم يستطع ابن أخ الشهيد نايف الحربي استكمال حديثه عن الشهيد بعد اعتلائه منصة مسرح «حكايا مسك»؛ إذ عاد ليتذكر تلك الرسالة النصية التي بعث بها الشهيد لأحد زملائه، وتحمل وصية، استلهم من خلالها الشهيد شرف الشهادة قبل أن تأتي إليه.
لم تتوقف الرسالة النصية الهاتفية عند ذلك، بل طلب الشهيد من زميله أن يبث خبر استشهاده على الحد الجنوبي، وهو ما حدث بالفعل.
وكان لرسالة الشهيد نايف الحربي التي عرضتها شاشات مسرح «حكايا مسك» تأثير كبير، وهو يبلغ زميله عبر هاتفه النقال بأنه يريد الشهادة؛ لكي تفتخر به بناته، وتعوضهن عن وجوده معهم، بحسب نص الرسالة التي صفق لها الحضور.
يقول ابن أخ الشهيد إنه كان مقربًا بشكل كبير من الشهيد، مشيرًا إلى أنه تعرض لإصابة في الحد، وتم علاجه، إلا أنه أصر على العودة مجددًا إلى ميدان المعركة، ورفض كل المحاولات لبقائه.
وعن كيفية تلقي عائلة الشهيد نبأ وفاته أوضح أن والده اتصل عليه من الرياض، وطلب منه أن يذهب معه إلى الجنوب لزيارة أحد أقاربهم هناك.
من جانبه، تحدث رئيس هيئة الصحفيين رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد المالك مشيداً بالعناية الفائقة التي تحظى بها فعاليات مهرجان حكايا مسك التي تقام في جميع المناطق واهتمامها بصناعة المحتوى الذي يهتم بالقيم الثقافية والعلمية لتحفيز الشباب على طرح أفكارهم والتعبير عنها واكتشاف مواهبهم وإبداعاتهم الثقافية والتقنية.
مضيفاً أن مؤسسة مسك التي حظيت باهتمام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد سعت من خلال هذه المؤسسة الخيرية لاستحداث الفرص لتنمية المجتمع وإطلاق طاقات أفراده وتمكين المجتمع من التعلم والتطور والتقدّم في مجالات الأعمال والمجالات الأدبية والثقافية والعلوم الاجتماعية والتكنولوجية، عبر إنشاء حاضنات لتطوير وإنشاء وجذب مؤسسات عالية المستوى، وتوفير بيئة تنظيمية جاذبة. واستعرض تجربته الإعلامية مع المرابطين في الحد الجنوبي، مشيرًا إلى أنها تجربه مفيدة ومهمة؛ كونها كشفت لهم كوفد إعلامي الجهود والتضحيات، والخطوات التي يقدمها رجال الأمن المرابطون للدفاع عن وطنهم (المملكة العربية السعودية).
ولفت قائلاً: «الهدف من زيارة المرابطين في الحد الجنوبي هو أن نرى بأعيننا ما يجري هناك، وكيف يعمل هؤلاء المرابطون». مضيفًا: «كنا ننظر على أن حدود المملكة مقدسة، ولا يمكن السماح لأي معتدٍ بالتجاوز عليها مهما بلغ الأمر. ونحن كإعلاميين يجب أن يكون لنا رسالة للدفاع عن الوطن».
وذكر المالك أنه وزملاءه وجدوا القوات السعودية بجميع قطاعاتها تقوم بواجباتها على أكمل وجه، ومزودة بأحدث الأسلحة والتقنيات، مؤكدًا أنهم على أتم الاستعداد لمواجهة العدو، سواء كان في الجبال أو السهول أو في أي تضاريس.
ولفت المالك إلى أنه تحدث مع عدد من المرابطين في الحد الجنوبي؛ ليكتشف الكثير من القصص والتضحيات للمرابطين هناك منذ بداية الحرب، مبديًا بعضًا من العتب على الإعلام في تغطية ما يقوم به الأبطال من تضحيات وإنجازات.
وقال المالك إن الصحف مقصرة في نقل ما يحدث، وإطلاع المواطنين على ذلك، مرجعًا ذلك إلى جهات عدة، تشترك في ذلك التقصير الإعلامي.
وأشار المالك إلى التهديد الذي تواجهه المملكة من قِبل الحوثيين ومليشياتهم؛ وهو ما جعل المملكة تقوم بالرد على تلك التهديدات بردع العدوان، ولاسيما أن حدود المملكة مع اليمن كبيرة جدًّا.
وواصل مهرجان «حكايا مسك»، الذي تجري فعالياته في المنطقة التاريخية بجدة، استقبال مئات الزوار من الأسر التي توافدت منذ الجمعة الماضية تفاعلاً مع ما يقدمه المهرجان من فعاليات، ساهمت في جذب الزوار؛ إذ تم تقديم مسرحية «حبل غسيل»، وبعض الأنشطة التي شهدتها الأقسام الأخرى في المهرجان، مثل رش العمل في الكتابة، والرسم، وتعليم الأطفال التأليف، وكذلك أنشطة الحكواتي ومكتبة حكايا مسك، والركن التفاعلي.
وذكر المالك أن عددًا من الضباط والجنود المشاركين تحدثوا بأنه ليس من مهمتهم الدخول إلى الأراضي اليمنية لنتدخل في شأنها الداخلي. نحن في مواقعنا على الحدود للدفاع عنها، وصد المتسللين، سواء من تسلل من أجل سلاح، أو تنفيذ عمليات إرهابية داخل الأراضي السعودية. أما مسؤولية ما هو داخل الأراضي اليمنية فهي مسؤولية الجيش الوطني اليمني بدعم من قوات التحالف بقيادة المملكة؛ إذ استطاعت قوات الجيش اليمني أن تحرر أكثر من 80 % من الأراضي اليمنية. وفي سؤال عن ذلك الاهتمام والتشديد في الوضع على الحدود أوضح المالك أن المملكة مستهدفة من قِبل تلك المليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبدالله صالح؛ إذ أطلقت في وقت سابق صاروخًا على مكة المكرمة وآخر على منطقة الرياض، وهناك تصريحات سابقة لتلك المليشيات بأن جميع مدن المملكة ستكون مستهدفة من قِبلها بتلك الصواريخ, ولا بد لنا أن نذكر بأن تلك القوة التي تمتلكها تلك المليشيات وقوات المخلوع صالح هي بأموال خليجية عندما كانت تدعم الدول الخليجية اليمن في تنميتها وازدهار شعبها إلا أن حكومة المخلوع كانت تعمد إلى تحويل تلك الأموال لتخزين مثل تلك الأسلحة التي أضرت بالمواطن اليمني أكثر من غيره.
لذلك كان على المملكة أن تهتم وتحمي مواطنيها والمقيمين على أراضيها، سواء في المناطق المحاذية للحدود اليمنية أو في أي موقع آخر من مناطق المملكة؛ إذ لم يعد اليمن لديه القوة؛ وذلك بفضل الضربات الأولى من قيام عاصفة الحزم، التي حيدت تلك الأسلحة، وساهمت في عدم مقدرة تلك المليشيات على استخدامها.
وأجاب المالك عن دور كل مواطن في مثل هذه الأزمات بقوله: عندما التقينا أمير منطقة نجران خلال الزيارة الأخيرة ذكر لنا أن المواطنين في المنطقة تقدموا بطلب للمساعدة في الدفاع عن الأراضي السعودية، ولكن الأمير ذكرهم بأن أبناءهم من الجنود هم من يدافعون عن الحدود وعن الوطن، وأنهم لا يحتاجون إلى مزيد من القوة، وأن كل مواطن غيور على بلده سيظل محل تقدير واعتزاز للقيادة.
وأوضح رئيس هيئة الصحفيين أن إعلامنا مقصر، وإعلامنا ليس لديه حضور كبير في مثل تلك المواقع، وقد تم الحديث عن ذلك من خلال مقالات عدة تم كتابتها إلى المسؤولين في وزارة الإعلام بأن هناك تقصيرًا، وأن ذلك التقصير تشترك فيه الجهات التي تمتلك تلك القوة، إضافة إلى وزارة الإعلام والجهات الإعلامية مجتمعة؛ لذلك فالمواطن قد يكون مغيبًا عن تلك البطولات والإنجازات التي يسطرها أولئك الجنود في كل يوم على الجبهة، سواء في منطقة نجران أو جازان.