إن انتشار الفتن وتسلّط الأعداء علينا وعلى عقيدتنا وبلادنا وخيراتنا من كل حدب وصوب لا بد أن نقف أمامه بالمرصاد، وذلك بالدعوة إلى الله جلّ وعلا بالتي هي أحسن، وتفقيه الناس في أمور دينهم، وتوضيح محاسن هذا الدين، والرجوع في ذلك إلى الكتاب والسنة، وأقوال العلماء من السلف والخلف، وغرس عقيدة الولاء والبراء في نفوس المسلمين، والحث على الاعتصام بالكتاب والسنّة، وتجنب الشقاق والخلاف، والسعي إلى وحدة الصف وعدم الاختلاف والنزاع، وبيان منهج أهل السنة والجماعة الوسط المعتدل في التعامل مع الفتن وكيفية التصدي لها.
ونحن في هذا الزمن نعيش زمناً مليئاً بالفتن والشرور والأحداث المؤلمة، ونحن في آخر الزمان، وقد حذّرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من فتنٍ كقطع الليل المظلم، فقال: «بادروا بالأعمال فتناً» أي اجتهدوا بالأعمال الصالحات، ولذلك العمل الصالح في زمن الفتن في فضل عظيم، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العبادة في الهرج كهجرة إلي» رواه مسلم.
ونحن نحتاج اليوم أيما حاجة إلى الثبات، والله عزَّ وجلَّ يقول: ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون». أي اثبتوا على هذا الدين، لا تنحرفوا عنه، لا تتركوه، لا كليًا، ولا جزئيًا، لا تتركوه إلى غيره؛ فترتدوا، ولا تتركوا حكمًا واحدًا من أحكامه.
وإن مما يعين على الثبات؛ تذكر عظمة الله، وأن الله هو العلي الكبير.
وكذلك معرفة قيمة هذه الحياة الدنيا ماذا تساوي الحياة الدنيا؟ الحياة الدنيا متاع، الحياة الدنيا ملعونة إلا ذكر الله، الحياة الدنيا قليلة «قل متاع الدنيا قليل»، الحياة الدنيا لعب ولهو، الحياة الدنيا غرور، فالمسلم يضحي بالدنيا من أجل أن يثبت على الحق، ولذلك سحرة فرعون ضربوا لنا مثلاً عجيبًا، كانوا في أول النهار سحرة فجارًا فصاروا في آخر النهار شهداء أبرارًا، لما هددهم فرعون أن يرجعوا عن هذا الدين الحق الذي وجدوا عليه موسى عليه السلام.
فعلينا جميعاً التصدي لهذه الفتن التي تموج كموج البحر، ولا ندعها تسوقنا إلى المهاوي والنهايات المؤلمة، وعلى العلماء وطلبة العلم والخطباء وأئمة المساجد مسؤولية بيان خطورة الفتن، وتوضيح النصوص الشرعية للناس حتى يكونوا على بينة من أمرها وحقيقتها، فإن العاقل من يتصدى لها بالإيمان والحكمة وعدم الخوض فيها وفيما لا يعنيه، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» متفق عليه.
اللهم احفظ علينا ديننا وعقيدتنا ومقدساتنا وولاة أمرنا ورجال أمننا، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى، وأصلح أحوالهم، وألّف بين قلوبهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- د. فهد بن إبراهيم الجمعة