سعد السعود
مع الأسف حدث ما كنت أخشاه في مقال الأسبوع المنصرم وتسببت قلة الثقة بالنفس إلى تجرع الأخضر مر الخسارة أمام الكنغر الأسترالي.. وهي الخسارة التي كان يمكن تلافيها بسهولة عطفًا على تدني مستوى المنافس وظهر ذلك واضحًا في تسيدنا لمجريات الشوط الأول. فنيًا.. لكن مع الأسف كان الخوف باديًا على اللاعبين كلما اقتربت الكرات من مرمانا رغم قلتها.. وخصوصًا من الحارس والمدافعين منذ بدأت المباراة.. وتجلى ذلك بهفوتي المسيليم المبكرة التي تسببت في الهدف الأول.. في حين تقاسم الحارس مع مدافعيه وزر الهدفين الثاني والثالث.
وبظني معضلة ضعف الثقة بالنفس التي دومًا تهتز متى كان لاعبونا تحت الضغط تحتاج إلى عمل أكبر حتى من العمل الفني.. فالملاحظ أن لاعبينا متى كانوا في مواقف حاسمة يصابون بالتوتر والقلق.. ولست بحاجة لاجترار كثير من المواقف السابقة لتأييد ما قلت.. لكني سأتوقف فقط عند مشاركاتنا بكأس العالم.. فعدا الظهور الأول فكل ما تلاه كان على استحياء.. ولو عدنا لسيناريو تلك المشاركات لوجدنا بكل بطولة انهيار أمام فريق كبير تسبب وقتها في تشويه وجهنا الرياضي.. فضد فرنسا عام 98م وألمانيا في عام 2002 م وحتى أوكرانيا في 2006 م لم تتخم شباكنا اعتباطًا بل كان للجانب النفسي وانعدام الثقة دور كبير وهو ما جعل أقدام لاعبينا وقتئذ بالكاد تحمل أجسادهم.. في حين أصيب التفكير لديهم بالشلل.. لينال مرمانا ما نال من ألم.
باختصار فتش عن الثقة بالنفس.. ونقب عن الإمكانية على التخلص من الضغوط.. والقدرة على مواجهة المواقف.. وتحمل المسؤولية عندما تتعقد الأمور.. لتجد جفافها لدينا في حين غزارتها لدى المنتخبات المتفوقة.. ولذا فلا بأس أن أضمن مقالي بهذه الورقة الأكاديمية من الاستاذ فتيان جهاد من معهد علوم كرة القدم في السويد الذي ذكر ما نصه عن العلاقة ما بين عطاء اللاعب والقلق قبل وأثناء المباراة: (كلنا يدرك حجم القلق الذي ينتاب بعض اللاعبين قبل المباريات وخصوصًا أثناء المباريات الحساسة والمهمة وأحيانًا نشاهد حتى المدرب أيضًا يكون في حالة نفسية غير مستقرة وهذه من أكبر الأخطاء السلبية التي تنعكس بصورة واضحة على أداء اللاعبين في المباراة، فعلى المدرب أن يحرص أكثر على تعابير وجهه التي يجب أن تحوي إيماءات الهدوء والاستقرار.
وتّعرف كلمة العطاء باختصار على أنها مقدار المردود الذي يقدمه اللاعب داخل الملعب أثناء سير المباراة وهذا يتأتى بتضافر مجموعة عوامل متعددة.....إلخ. أما القلق والشد العصبي فهي الحالة السلبية للعطاء وتكاد تكون من أحد أسباب الخسارة، لأنها تشل قدرة اللاعب وتقف حجرًا أمام تطلعاته وإنجازاته. ويقسم القلق والشد العصبي إلى قسمين:
أ.الشد الداخلي: هو تفكير اللاعب الكثير بالخسارة وتبعات عدم تقديم النتيجة المطلوبة في المباراة والتفكير السلبي في تفسير وتوّقع الأحداث علاوة على الاسترجاع السلبي للأخطاء الماضية قبل المباراة.
ب.الشد الخارجي: ويتعلق هذا الجانب بعدد الجماهير في الملعب وأهمية المباراة وظروفها والنقل التلفزيوني والتعاطي الإعلامي إضافة إلى تبعات نتيجة المباراة على الجولة القادمة) ولذا فإني أتمنى من الأكاديميين الرياضيين والمدربين الوطنيين وكل من هو فاعل تولي هذا الجانب دراسة وتحليلاً لعلنا نستطيع مواجهة الفرق الكبرى واللعب في المنافسات الدولية بكل أريحية وبمنتهى الثقة بالنفس.. ولعلي هنا أهمس بإذن من يسطّح هذه المشكلة ويهرول ناحية الجانب الفني ويرى مبالغة في كلامي.. بأن أطلب منه مقارنة ما يقدمه منتخبا اليابان أو كوريا مثلاً في المنافسات العالمية وما نقدمه نحن.. فلاعبوهم لا يصابون بالرهبة ولا يعتريهم التوتر عندما يلتقون المنتخبات العالمية عكس لاعبينا.. مع أن لقاءاتنا مع منتخبات كوريا واليابان دائمًا تتسم بالندية.. فلماذا إذن يظهر الفرق بالمشاركات العالمية ويتلاشى بالمنافسات الإقليمية؟
آخر سطر
من أجمل ما قيل في الثقة بالنفس: أدرك أن لا أحد يمكنه أن يتسبب بهزيمتي إلا أنا.