يوسف المحيميد
لا نختلف بأن ثقافة الشعوب ووعيها مهمة في قيادة أوطانها إلى بر الأمان، خاصة في الأزمات السياسية والحروب وما يحيط بالأوطان من مصاعب وكرب، فكلما ازداد الوعي لدى هذه الشعوب كانت قادرة على حماية أوطانها، ليس بالسلاح والفداء رغم أهمية ذلك عند الحاجة، وإنما في المثول ضمن الصفوف في المواقف، فلا يمكن القول إنني اختلف مع هذا الرأي أو ذلك الموقف المتخذ، لأننا لا نناقش أداء جهة حكومية أو أخطاء أحد الأجهزة، وإنما نناقش أمن وطن وسلامة أراضيه، بما يعني أن الأمر لا يقبل النقاش.
أقول ذلك لأن لكل مواطن في الإعلام الرقمي الجديد وسيلته الإعلامية وصوته الخاص، فرغم إيماننا بأهمية أن يكون لكل مواطن صوته ورأيه الشخصي في العديد من القضايا، إلا أن موقف البلاد مما يحيط بها من خطط، وما يدبر لها من مكائد، لا يمكن الجدال حوله، وليس في الأمر رأي خاص أو حرية شخصية، الأمر يوجب الالتفاف حول القيادة والوطن، وحمايته من كل سوء، والدفاع عن مصالحه الحيوية.
نحن أمام نوعين من المواطنين، هناك النخب ممن لهم صوتهم ورؤيتهم، وهم يعبرون عن آرائهم بوعي ومسؤولية، وهو المتوقع منهم، وهناك ممن لا يمتلكون الوعي بماهية الوطن، وظروف المنطقة الشائكة، وهؤلاء من أعني بهذا المقال، فهم من يجب أن يفهموا دورهم في الأزمات، بالوقوف الكامل مع الوطن، ومع موقف الوطن مما يحدث، والدفاع عنه، وعن مواقفه في مواقع التواصل الاجتماعي، وحين أقول ذلك فأعني الدفاع بوعي أيضًا، ومن خلال حقائق وشواهد وبراهين، وباحترام الأضداد والخصوم، وذلك بتحاشي الفجور في الخصومة، وعدم استخدام الكلمات البذيئة والنابية، فمثل ذلك الانجراف يعني عدم امتلاك الحجة الكافية، تماماً مثل رفع الصوت والزعيق عند الخصام، فصوتك الهادئ المحترم، صوتك ذو الحجة والبرهان هو الذي يصل، وهو الذي يملك إقناع الآخرين بسهولة.
من هنا، أجزم بأننا كلنا كمواطنين مسؤولون تجاه وطننا، وعما يحدق به من أخطار، مسؤولون عن الدفاع عنه بكل ما أوتينا من حكمة ووعي، وبكل ما نملك، وبما نحمل من مثل وقيم نبيلة، مسؤولون عن كل كلمة نكتبها في تغريدة أو مقالة، مسؤولون عن كل صورة ننشرها أو حتى نعيد تدويرها، وكلما كان إحساسنا عاليًا تجاه هذه المسؤولية، كنا أكثر قدرة على تمثيل وطننا خير تمثيل، في مختلف وسائل الإعلام الجديد.
يا سادة... وطننا يحتاج إلينا الآن أكثر من أي وقت مضى، يدعونا بصوته وظلاله الوارفة، وعلينا أن ننصت له، ونمتثل لما يريد.