د.ثريا العريض
منذ أن أعلن الجميع البيان الختامي للقمم الخليجية والعربية والإسلامية والأمريكية الذي عقد في الرياض وبحضور رئيس الولايات المتحدة الجديد دونالد ترمب، العمل على محاربة الإرهاب والتصدي لكل منظماته ومن يدعمها بالتمويل والتدريب سرًا أو جهرًا، وجدت إيران نفسها في موقع لا تحسد عليه. إضافة لتغير العلاقة بينها والولايات المتحدة سلبيًا وتراجعها بعد قرار الكونجرس الأمريكي تمديد العقوبات الاقتصادية وإعادة الضغوط التي كان الرئيس روحاني يأمل أن تتوقف.
من هنا يمكن أن نحاول تفهم الأحداث الأخيرة: إعلان تفجيرين في موقع ضريح الخميني، وهجوم ثالث في مجلس البرلمان الإيراني. إرهاب ثلاثي تتبنى داعش الاعتراف بمسؤوليتها عنه حتى قبل أن ينتهي!!
لماذا الآن؟ ومن المستفيد؟ وإيران ترعى وتحتضن قيادات القاعدة من منطلق عدو عدوي صديقي وأحميه؟
ليس صعبًا أن نرى ما حدث في إطار مختلف، إذا تذكرنا أن داعش ولمدة أكثر من عشر سنوات لم تضرب لا إيران، ولا إسرائيل. قد تكون محاولة مستميتة من مخابرات إيران نفسها، نفذها الحرس الثوري لنفي تهمة تخادن النظام مع داعش الذي جرمته كل أنظمة العالم سوى من تتحالف معهم إيران. سيناريو ضعيف الإخراج والقصد الواضح منه إظهار إيران بدور الضحية المستهدفة من الإرهاب وليس حاضنة له تموله وتدرب الإرهابيين وتشجع جرائمه الدموية في دول الجوار، من العراق إلى سوريا إلى البحرين إلى اليمن. وتم اختيار الموقعين الذين مثل فيها سيناريو الضربة الإرهابية بعناية مدروسة؛ ضريح الخميني لاستجلاب أكبر قدر من المصداقية والتعاطف الشعبي لكونه يكتسي قدسية دينية، ومقر البرلمان بصفته رمزًا يمثل السلطة الشرعية.
إيران تتخبط؟
نعم في علاقاتها مع الجوار القريب والبعيد.. وما زالت ترقص على كف عفريت الصراع على السلطة، والمحافظة على شكم الشعب الغاضب داخليًا والتدخل في شؤون دول الجوار خارجيًا، منذ أسقطت ثورة الخميني شاه إيران، وتعهدت حكومة الملالي دستوريًا بتصدير الثورة إلى كل الجوار، بأمل استعادة أمجاد تاريخ ما قبل عرش الطاووس وإمبراطورية كسرى وداريوش.
أوهام إيران لا تختلف عن الأفكار الاستعمارية التي تخلت عنها الحقب الحديثة.. ومع هذا لا يمكن الاستهانة بإيران لكونها تمتلك تقدمًا تقنيًا وصناعات عسكرية ومصادر دخل من مواردها الطبيعية.. ولولا عنجهية إيران وعدم احترامها لشؤون سيادية جيرانها، وتأزم علاقاتها مع أمريكا نظرًا لتخوف الأخيرة من التهديد الضمني لأمن إسرائيل لوجود قوة إيران نوويًا وعسكريًا، لربما كان الحال يختلف في أوضاع علاقات دولية آمنة ومستقرة. ولكن الحقيقة أن أفعال إيران غير تهديداتها الظاهرية بالموت لأمريكا وإسرائيل. فأفعالها العدوانية وتشجيعها لخلايا الإرهاب يتجسد فعليًا في دول الخليج إِذ تحلم بمد مخالبها عبر حدودها.
ثم تمد إيران يدها مؤكدة إخلاصها لإغاثة قطر في أزمة مقاطعة شقيقاتها الخليجيات لها لدعمها الإرهاب وتمويله! لو غيرت إيران سياستها وأصبحت جارة طيبة لا ترعى الإرهاب ولا تزرع الفرقة المذهبية ولا تتدخل في الشؤون الداخلية ولا تدعي حقًا تاريخيًا في امتلاك أراضينا وثرواتنا.. لصافحناها بابتهاج.
لكأن ما حدث من ادعاء هجوم داعشي على إيران تمثيلية هزلية مما نراه في مسلسلات رمضان.
وشر البلية ما يضحك.