«الجزيرة» - ماجد البريكان:
قدَّر اقتصاديون حجم الخسائر التي تتكبدها قطر يوميًّا بنحو 300 مليون دولار نظير قرار المقاطعة الذي اتخذته المملكة والإمارات والبحرين ومصر، مؤكدين أنه من المستحيل أن يتحمل الاقتصاد القطري هذه الخسائر على المدى البعيد؛ الأمر الذي سيدفع قادة الدوحة إلى الرجوع سريعًا إلى الحضن الخليجي لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة.
ووصف الاقتصاديون قرار المقاطعة بأنه «قرصة أذن»، الهدف منها العودة بالأشقاء القطريين إلى البيت والحضن الخليجي، مشيرين إلى أن الفرصة ما زالت مواتية أمام قطر للعودة إلى رشدها وصوابها إن هي أرادت أن تقلص فاتورة الخسائر المترتبة على قرار المقاطعة الاقتصادية.
في البداية أكد المحلل الاقتصادي عبد الوهاب الفايز لـ«الجزيرة» أن «قطر لن تعيش بأمن وسلام مع استمرارها في الاصطفاف مع القوى والأحزاب والجماعات التي تهدد أمن أشقائها في الخليج العربي»، مشيرًا إلى أن «دول الخليج تخوض اليوم معركة وجودية مع قوى الشر في المنطقة، وعلى رأسها دولة إيران، التي تضمر الشر لجيرانها لاعتبارات عقائدية وتصنيفات طائفية».
واعتبر الفايز قرار قطع العلاقات من ثلاث من دول الخليج ومصر مع قطر «خطوة مهمة لاستعادة الدوحة إلى الصف الخليجي والعربي»، وقال: «اللحمة الخليجية لا يمكن أن تمحى، والبيت الخليجي قادر على تحقيق المصالحة التي تضمن الاستقرار والأمن والسلام للمنطقة بأكملها، والقطريون هم أشقاؤنا الحقيقيون، ولا بد لهم أن يعودوا إلى الصف الخليجي في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «الفرصة ما زالت مواتية لأشقائنا القطريين أن يعيشوا بسلام بجانب أشقائهم الخليجيين، مع الإيمان التام بأن هناك مصيرًا مشتركًا يجمع هذه الدول؛ الأمر الذي يحتم عليها أن تتحالف ضد كل ما يعكر صفو الاتحاد الخليجي وترابطه وتماسكه». وقال: «قلوبنا تساند الشعب القطري في محنته هذه، وندعو الله أن يعينهم على تجاوزها، ولعل القيادة القطرية تدرك هذه المعاناة، وستعمل على إيجاد حلول لها».
حلم كأس العالم
ويتوقع بندر السفير الخبير الاقتصادي حدوث خسائر بمليارات الدولارات، ستلحق بالاقتصاد القطري نظير مقاطعتها اقتصاديًّا من جانب المملكة والإمارات والبحرين ومصر، وقال: «الآثار الاقتصادية لهذه المقاطعة ظهرت في الأيام الماضية، ومنها ما سيظهر في الأسابيع والأشهر المقبلة، ومنها ما يحتاج إلى سنوات حتى تظهر علاماته؛ ولذلك أتوقع أن تبادر القيادة القطرية بحل تلك الأزمة في أسرع وقت؛ حتى لا تتفاقم الخلافات، وترتفع فاتورة الخسائر عليهم».
وتابع: «أهم الخسائر التي تتكبدها قطر اليوم جاء بسبب إغلاق المنافذ البحرية والجوية والبرية بين قطر والمملكة ودولة الإمارات، ومن شأن هذا أن يرفع أسعار السلع والخدمات لديهم، وهذا ما حدث بالفعل في الأيام الماضية بسبب نقص الواردات وشح السلع الغذائية، يضاف إلى ذلك حدوث نقص شديد في الواردات القطرية لاستكمال المشاريع لديها، خاصة أن معظم هذه الواردات تصل إلى الدوحة من السعودية والإمارات».
ورأى السفير أن «قطر تترقب مشكلة كبيرة بسبب هذه المقاطعة، وهي تنظيمها نهائيات كأس العالم في عام 2022، وهذا التنظيم يحتاج إلى أن تكون جميع المنافذ مفتوحة لاستكمال مشاريع البنية التحتية للمنشآت الرياضية والفنادق التي تجهز لها حاليًا، كما أن هذه الأجواء مطلوبة عندما تنطلق المنافسات بالفعل، وأعتقد أن إغلاق هذه المنافذ قد يهدد قرار استضافة قطر للمونديال العالمي؛ ما يشير إلى أن العواقب والآثار الاقتصادية على الدوحة بسبب هذه المقاطعة كبيرة جدًّا، ولا يمكن على الأشقاء في قطر تحملها على المدى البعيد، يضاف إلى ذلك الخسائر التي ستتكبدها الخطوط القطرية من جراء تغيير مساراتها، وستكون المسارات الجديدة بالتأكيد أكبر من المسارات القديمة؛ الأمر الذي سينعكس على أسعار تلك الخطوط، وتطول المسافات؛ وبالتالي تقل الجاذبية لهذه الخطوط، هذا بخلاف التراجع في التصنيف الائتماني لقطر وفي البورصة والاستثمارات الأجنبية؛ لذلك أرى أنه من الحكمة ومن التعقل أن تبادر قطر بحل تلك الأزمة مع أشقائها حفاظًا على العلاقات الأخوية في البيت الخليجي والعربي».
قرصة أذن
من جانبه، قدَّر الدكتور عمر كردي الأكاديمي الاقتصادي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الخسائر اليومية نظير المقاطعة التي فرضتها دول الخليج ومصر على قطر بـ 300 مليون دولار، مشيرًا إلى أن استمرار معدل الخسائر على ما هو عليه الآن ينذر بعواقب وخيمة على الاقتصاد القطري، وقال: «لا أتوقع أن تستمر هذه العقوبات فترة طويلة؛ لأن الاقتصاد القطري ليس بمقدوره أن يتحمل هذه الخسائر، وأتوقع أن يعود القطريون إلى رشدهم في وقت قريب جدًّا؛ لأنهم مرتبطون بدول الخليج بأواصر القربى والمصاهرة، ولا يمكن لهم الابتعاد عن أشقائهم الخليجيين، سواء في المملكة أو الإمارات، كما لا يمكن أن يضحوا بحلم استضافة كأس العالم إذا ما استمرت المقاطعة على ما هي عليه اليوم».
وتابع كردي «قرار المقاطعة الخليجية والعربية لقطر ما هو إلا (قرصة أذن) للأشقاء في قطر؛ لدفعهم إلى التخلي عن سياستهم الخارجية المهددة لاستقرار المنطقة، وأعتقد أن هذه القرصة ستؤتي بثمارها في وقت قريب، ويعود البيت الخليجي بأعضائه كما كانوا أقوياء قادرين على مواجهة التحديات».