مها محمد الشريف
في ظل هذه الظروف لن يكون مستحيلاً إمكان التوصُّل إلى اتفاقات، تتضمن سلامة دول الخليج من الأخطار المحدقة بها، والغدر والخيانة والتآمر ضدها مع إيران وتركيا والمنظمات الإرهابية.
لقد صاحب سقوط الجدار المشترك بين قطر والسعودية عاصفة كبيرة، هزت الصف الخليجي، وامتدت إلى خارج الحدود، وتعدت كل التوقعات. انتقلت إلى سياسات مرتجلة، مثل محاولة توسيع مظلة الحماية، وطلب حراسة إيران وجنود أردوغان؛ وذلك خوفًا من دول الخليج التي تحمل تاريخًا ومصالح مشتركة.
يبدو أن الأسئلة التي سنطرح بعضًا منها سيكون لكل سؤال منها أكثر من مئة إجابة، وأهمها هل يمكن لتاريخ قطر أن ينتهي؟ ومن يعطي المعنى الصحيح من مفهوم هذا التاريخ؟ بعدما أولينا اهتمامًا كبيرًا لحقيقة سياسة قطر المزدوجة.
علينا أن نعايش الواقع، ونغير النظرة إلى كيفية التحول من فرضية سابقة إلى أزمة حقيقية، يجب الحذر من تداعياتها على أمن واستقرار المنطقة، وإعلان دعم الإرهاب من قطر وكشف القناع عن سياستهم العميلة ضد دول الخليج ومصر وليبيا.
بمعنى أنه عندما صنفت المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر أفرادًا وكيانات ترعاها قطر على قوائم الإرهاب المحظورة في بيان مشترك، أصدرته تلك الدول فجر الجمعة، وضمت أيضًا القوائم 12 مؤسسة و59 فردًا، منهم شخصيات مطلوبة دوليًّا، يبقى التاريخ مدويًا بالأدلة القاطعة التي تدين دولة قطر.
ومن هذا المنطلق فإن الدولة لا يمكن أن تقوم بوظائفها دون أن تكون لها قوة، تعول على الواقع ومقاصد المصلحة كما يقول فرويد في كتابه (جوهر السياسي): «رأينا أن القوة التي تظل في انسجام مع وظيفتها هي شرط التوازن والسلام والنظام والجمال»؛ إذ لا بد لهذه الغاية الجوهرية من التطبيق، ولكن هذه الفلسفة السياسية فتحت على دول الخليج أبوابًا خلفها نار مستعرة، ولهيب من أحداث عظام، وصراع في الخفاء، تقوده دولة قطر ضد المملكة ودول عدة؛ إذ إنهم لم يدركوا الخطر مبكرًا نتيجة لهذا التوازن.
في زمن كانت الظروف فيه تسير عكس مصالح المسلمين والدول العربية رسمت قطر مخططاتها للإيقاع بأشقائها مقابل نفوذ أكبر ودور أشمل في المنطقة. كانت مثل اللص الذي يسرق في الليل، ويحضر موائد الكبار في النهار، ويترك خلفه باب التاريخ مفتوحًا؛ ليعود مجددًا وقتما شاء.
لو اقتيد كبيرهم بسرية إلى المحاكمة لظل يؤمن طيلة حياته أن الحكم والعلاقات بجيرانه شرف مروم قبل أن تجعله ظروفه زعيمًا. أما الإنجاز الحقيقي لدولتنا فهو اهتمامها ومسؤوليتها الكبرى بدول العالم الإسلامي والدول العربية والخليجية.
وما من شك أن الهدف سامٍ، والغاية نبيلة، وكعادة المملكة تجيد السيطرة على الكوارث السياسية والأحداث العالمية المتقلبة، وتملك مفاتيح الحلول، وتعيد الأمور إلى مسارها الصحيح، فكانت البداية من شأن اجتماعي تم فيه احتواء الكوادر العائدة من قطر، بحضور الإعلاميين لهذا العام؛ إذ حضر معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد بن صالح العواد، وأعلن أثناء حوار قصير مع معاليه أن الإعلاميين السعوديين العائدين من دولة قطر سيتم استيعابهم جميعًا في الإعلام السعودي، كل حسب المجال الذي يعمل فيه، وهذا هو حق الحياة والرعية، بأن تعالج أبسط الأمور رغم الدور الكبير الذي تقوم به لعلاج المسائل الدولية الشائكة، ومحاربة الإرهاب.
ولم يتغيَّر الحال، وتظل المملكة في قمة التوازن، ولن تثير حفيظتها النوايا التوسعية لدولة مثل قطر التي فقدت امتيازات خصوصيتها بفتح أبواب حدودها على مصراعيها لإيران (الراعي الرسمي للإرهاب)، الذي بموجبه أصبحت تنتشر في أنحاء البلاد برفقة جنود تركيا.
في الحقيقة، سياستها وقادتها تنفذ طمس الهوية العربية والخليجية؛ إذ فاق عدد السكان الأصليين الفرس والترك والمنظمات الإرهابية التي تقيم مع شعب قطر. من المؤسف أن تذهب قطر مع العراق وتقودها إيران إلى التهلكة بقيادة حكامها.