جاسر عبدالعزيز الجاسر
بدأت الدول العربية التي شكلت قاطرة مواجهة الإرهاب ومحاربته بدءاً من الداخل أولاً، إذ إن قيام المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين بقطع العلاقات الدبلوماسية وتقليص التعاون الاقتصادي مع دولة قطر لتؤكد تلك الدول بما تملكه من قرائن ودلائل على دعم من يحكمون قطر للإرهاب وتوفير ملاذ وحاضن لقادة الجماعات الإرهابية، وتقديم الدعم المالي المباشر وغير المباشر عبر تقديم فدية مالية ضخمة وهائلة لا تقدم حتى للدول.
تورط من يحكم قطر بالعمل والتعاون مع الأنظمة والدول التي تدعم الإرهاب ودعم المنظمات والمليشيات الإرهابية وتنفيذ مخابرات قطر أعمالاً إرهابية وإجرامية في العديد من الدول العربية؛ فبالإضافة إلى مصر وليبيا وسوريا، لم تخجل القيادة القطرية في دعم الإرهابيين والمخربين الطائفيين في القطيف بالمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين والحوثيين في اليمن من خلال تقديم الدعم المالي وتهريب الأسلحة، وتقديم المشورة والتخطيط للأعمال الإجرامية، ومارست قيادة قطر نفاقاً مفضوحاً في اليمن، ففي الوقت الذي تنضم فيه إلى التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن وترسل قواتها إلى اليمن لقتال من تمرد على الشرعية وينفذ انقلاباً على الحكومة، تتصل بالحوثيين وترسل الأسلحة والدعم للانقلابيين، دعم ورصاص قد يصل إلى صدور جنودهم الذين أرسلوهم للتمويه.
هذه التجاوزات والأفعال التي لا تليق بالدول بالانجرار لها والعمل بها، فهي من أعمال العصابات وجماعات الإجرام، وقد صبرت الدول العربية، وبالذات التي تعرضت لشرور أعمال القيادة القطرية، صبرت طويلاً إلا أن للصبر حدود، كما يقولون، ولهذا أجمعت الدول الأربع على التصدي لعبث القيادة القطرية بحزم يتوافق مع طول مدة الصبر، وشكلت الدول الأربع القاطرة التي ستنطلق لاجتثاث الإرهاب، بدءاً من اقتلاعه من داخل الأسرة العربية، وبعد قرار قطع العلاقات الدبلوماسية واتخاذ إجراءات مصاحبة لمنع حكام قطر من الانغماس أكثر بدعم الإرهاب بإجراءات اقتصادية وسيادية، تواصلت خطوات محاصرة الإرهاب وتفعيل الخطوات المتتابعة، فصدر البيان الرباعي المشترك الذي أصدرته المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، والذي يؤكد على وجود إرادة عربية لتجفيف منابع الإرهاب، وكشف كل تفاصيل المخططات القطرية وأذرعتها الإرهابية والمؤسسات الاقتصادية والمالية والإعلامية والمخابراتية التي تخفَّت تحت مسميات الجمعيات الخيرية، أو الادعاء بالقيام بأعمال الدعوة وغيرها من أدوات الأحزاب التي تتخذ من الإسلام السياسي ستاراً لنشر فتنها.
والبيان الرباعي المشترك يمثل أولى الخطوات التنفيذية التي تشير إلى أن كل من يتعامل مع جماعات الإرهاب أفراداً وجماعات ومنظمات وميليشيات لن يكون بمنأى عن ملاحقة ومتابعة كل القوى الحقيقية المناهضة والمحاربة للإرهاب، وإذ حمّل البيان الرباعي المشترك تسعة وخمسين داعماً وعاملاً في الجماعات الإرهابية واثنتي عشرة منظمة ومليشيا إرهابية، فما هي إلا البداية، والتي تمهد لكشف كل المتورطين بدعم الإرهاب والذين يتسترون بالدين والعمل الخيري، وهم في الأصل ينشرون الشر والفتن في الوطن العربي، ولم تسلم من أذاهم أوطانهم وجيرانهم.