خالد بن فيحان الزعتر
إبان الجولة الثلاثية التي قام بها الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، التي تتولى زمام الجهود الدبلوماسية لاحتواء التوتر، إلى كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، واختتمت جولة أمير دولة الكويت بزيارة قصيرة للإمارة الصغيرة قطر، ذهب البرلمان التركي إلى التصويت على نشر قوات تركية في الأراضي القطرية تحت غطاء التدريب. وأفادت مصادر مصرية بأن هناك قوات من الحرس الثوري الإيراني وصلت قطر، وتتولى حماية الأمير.
الخطوة التي أقدمت عليها تركيا بالذهاب لنشر قوات تركية في الدوحة نجد أنه لا يمكن أن تقدم أنقرة عليها بدون أن يكون هناك طلب من قبل النظام الحاكم الدوحة؛ وهو ما يعني أن النظام القطري حتى الآن لم يختَر طريق الحكمة والعقلانية، وسعى لاختيار السير على طريق التصعيد، ولم يدرك بعد حجم الأزمة الراهنة مع الدول الخليجية والعربية التي أقدمت على قطع علاقاتها مع الدوحة، ولم يدرك بعد حجم العزلة التي تواجهها بلاده، وأنه لم تعد العزلة خليجية وعربية بقدر ما أصبح يلوح في الأفق دخول أطراف دولية على خط الأزمة، مشيرة بأصابع الاتهام إلى قطر بدعم التطرف والإرهاب.
الخطوة التصعيدية من قِبل الدوحة، التي ترجمت هذه الخطوة بموافقة البرلمان التركي على نشر قوات تركية في الدوحة تحت غطاء التدريب، والتي لا يمكن النظر لها في هذا التوقيت عقب الجهود التي قامت بها الكويت للوساطة واحتواء التوتر إلا أن النظام الحاكم في الدوحة الذي سبق أن أعلن على لسان وزير خارجيته قبوله قوليًّا بجهود الوساطة، إلا أنه فعليًّا يذهب إلى وضع الكثير من العراقيل التي سوف تكون من تبعاتها أن تعمل على إجهاض جهود الوساطة التي تقوم بها الكويت لاحتواء الأزمة.
من جهة أخرى، نجد أن لجوء النظام الحاكم في قطر إلى الحماية الخارجية بنشر قوات تركية وأيضًا تولي قوة إيرانية حمايته يفسر ذلك إلى أي مدى أصبح النظام لا يثق بقواته، ولأي مدى أصبح هذا النظام الحاكم في الدوحة يعتريه القلق من أن تؤدي العزلة التي تشهدها بلاده، والتي سيكون لها الكثير من التأثيرات السلبية على الجانب الاقتصادي، إلى الكثير من الانعكاسات على حياة الشعب القطري، وهذه جميعها سوف تؤدي في النهاية إذا ما استمرت دولة قطر في التصعيد إلى احتمالية وجود تحرك داخلي، بخاصة أن الأزمة بين قطر والدول الخليجية والعربية لم تعد كما كانت عليه، بل إنه مع بدء إجراءات عزل قطر وإغلاق المنافذ البرية والمجالي الجوي والبحري كافة، أصبحت البدائل أكثر تكلفة، ومن هنا يمكن القول إن الأزمة تحولت، وأصبح النظام في مواجهة مع الشعب القطري الذي لم يصل إلى هذا المستوى إلا بسبب السياسات العدائية التي تنتهجها حكومة بلاده.
قبول نظام الدوحة بنشر قوات تركية وإيرانية في بلاده يعني أن هذا النظام لا يزال يرى في تركيا وإيران العمق الاستراتيجي له، في وقت كان من المفترض أن يقدم هذا النظام على خطوات للعودة إلى المسار الخليجي والعربي، وهو ما يفسر بأنه ليس لديه الاهتمام بتهدئة التوتر مع الدول الخليجية والعربية التي تعد هي العمق الاستراتيجي لدولة قطر، وليس ما يراه النظام الحاكم الذي بات واضحًا أنه أصبح ينظر للجماعات الإرهابية التي يدعمها والدول الدخيلة على المنطقة (إيران وتركيا) بمنزلة العمق الاستراتيجي له.
ختامًا: يخطئ النظام الحاكم في الدوحة إذا اعتقد أن الدول الدخيلة على المنطقة (إيران وتركيا) سوف تحميه، بل بالعكس سيكون لهذه الخطوة التي حدثت بنشر قوات تركية وإيرانية الكثير من التداعيات السلبية على قطر ومستقبلها؛ لأن هاتين الدولتين (إيران وتركيا) تُعتبران وجهَين لعملة واحدة، وتمتلكان مشاريع وأطماعًا توسعية في المنطقة؛ لذلك نجد أن النظام الحاكم في الدوحة بإقدامه على استدعاء القوات الأجنبية التركية والإيرانية على أراضيه وضع مستقبل قطر بيد دول دخيلة، وسيكون لمثل هذه الخطوات الكثير من التأثيرات على القرار السياسي لدولة قطر.