د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
مصطلح الإعلام السياسي ليس للمعرفة الأكاديمية دور فيه، ولكنه تغذّى على توالي الأزمات السياسية في عالم اليوم في جلّ مكوناته، وحتماً فإنَّ للإشراقات الحافزة للسياسات الحكيمة شرياناً نابضاً في مكونات الإعلام السياسي أيضاً، وقد يكون عنواني مما نُثرتْ فيه كنانات القوم تحييداً للإعلام المتخصص، واعتباراً بأن الإعلام صوت الشعب ولهم جميعاً حق الشفاعة والصحبة والحديث!!؟ ولكن الذاكرة لا تسعف أحداً في كل حالاتها، وكلما طفح على السطح كيل غثّ حتَّم وجود قرارات سياسية «بليغة»، ولقد قصدتُ المصطلح لأن بلاغة القرار السياسي تعني عمقه الإستراتيجي أولاً، وحكمته التي تستشرف واقع الحال ثانياً، ومستقبله الذي يمتد أمناً ونهضة وحضارة ثالثاً. ولعلنا نقفُ هنا عند قرار بلادنا السياسي بقطع علاقاتها مع دولة «قطر» بعد شجون من الواقع المؤلم الذي حتم التصدي وقوة القرار فيما صاحبه من موجبات التنفيذ، وهذا الشأن أشبعه الإعلام بسطاً بكل قنواته المرئية والمسموعة والمقروءة، وعندما نكون سعوديين فإننا في شأن وطني مختلف مكاناً ومكانة وقيادة سياسية مؤثرة في الشأن الدولي كله، ومصنع قرار نافذ شجاع:
«يسوسون أحلاما بعيدا أناتها
وإن غضبوا جاء الحفيظة والجِدّ»
ولقد تناول إعلامنا من منابره المختلفة الوعي السياسي لبلادنا بكل أبعاده، وصدحت الأقلام بطروحات يحيطها الصدق، وتنبض بالولاء للوطن في كل نبضاتها، وأخرجتْ تلك الأزمة مدونات في صحافة الردود، وسقفاً من التمكن في الاستدلالات المبصرة، وحِزَماً من الحقائق التاريخية التي زلزلت أسوار السياسة القطرية الهشة التي لم تستطع أن تخدع ذوي النهى من قيادتنا المبصرة..
قد تخدع الدَّمْن الغبيّ بنبتها
لكنها لذوي النهى لا تخدعُ
وكان للمتخصصين الأكاديميين في مجال السياسة بعض المنصات الإعلامية الوطنية الحافزة حينما يتناولون تحليل الخطاب السياسي وتحليل موجهات القرار، وتحليل ما وراء ذلك كله، واستطاعوا من خلال الاتكاء المعرفي دعم المنصات الإعلامية الأخرى التي قادتْ حراكاً وطنياً فاخراً لتجلية الحقائق، ودعم القرار السياسي في بلادنا الحبيبة. ولأن الأزمة السياسية مع دولة قطر ما زالت تتصدر الإعلام عالمياً، ولأن بلادنا تصدرت منابر التأييد العالمي تجاه مواقفها النبيلة والحازمة، ولأن نزراً من الخاسرين في الإعلام خارج بلادنا ما زالت مواقف بلادنا الشجاعة تؤزهم أزّاً؛ وحتى لا يشمل إعلامنا قول الشاعر ابن زهير:
ما أرانا نقول إلا معارا
ومعادا من قولنا مكرورا
وحتى يكون الإعلام في بلادنا جبهة سياسيّة واعية تملك المعلومة الصحيحة وتنكشف لها كل المنصات العالمية لتكون نداً مكافئاً بل ويعلو علواً كبيراً، وحتى تحصد بلادنا التأييد من خلال إقناع العالم بمقاصد بلادنا النبيلة وبمكونات القرار السياسي السعودي وبشرعية حراكنا في السلم والحرب؛ نرى أن تؤسس وزارة الثقافة والإعلام مركزاً إعلامياً متخصصاً في دعم القرار السياسي في بلادنا في كل أحواله، وأن يعمل هذا المركز على تطوير الإعلام السياسي من خلال المعرفة الأكاديمية من بوابة الجامعات، كما يحقق المركز الخبرات التراكمية التي تؤطر لإعلام قوي ممتد يسير مع حراك بلادنا السياسي في عهودها المزهرة والممتدة -بإذن الله- وفي ذلك المركز يُحتَفَى بالمنجز السياسي إعلامياً، ويوثق حراكه ليكون للأجيال القادمة مستودعاً وطنياً يحمل سياسة بلادنا المستنيرة ويحمل الرؤية السياسية لبلادنا وينشر رسالتها المحبة للسلام في العالم كله،
هو مقترح وطني شجعني على طرحه العين الجديدة لوزارة الإعلام التي تنظر من خلال الوطن، وفق الله وزيرها.
بوح لوطني النبيل الشجاع:
وطني وما أشهى حروفك في فمي
العز عزك والولاء قرار
لو خيروني في المدائن كلها
قلتُ افتتاني شمسه وغبارُ