د. أحمد الفراج
الكبار لا يأبهون بخربشات الصغار، ولطالما تسامت المملكة وتحملت الأذى، في سبيل رأب الصدع، ولكن حدود الصبر هي تجاوز كل الخطوط الحمراء، وهذا ما فعله النظام الحاكم في قطر، عندما واصل سياساته التخريبية في محيطه الخليجي، فأصبح حليفًا لكل من يناصب الخليج العداء، ويستوي في ذلك المنظمات الإرهابية، مثل حزب الله، أو الأفراد المناوئين لحكوماتهم، ومنهم بعض المطلوبين أمنيًا، ولعل حكام قطر فهموا أن حلم المملكة ضعف، وصبرها خوف، فحكوا انتفاخًا صولة الأسد، ولم يدركوا أن هذه هي المملكة، التي وقفت مع الشقيقة مصر، وفرضت رؤيتها السياسية، رغما عن أنف رئيس أقوى دولة بالعالم، سيئ الذكر باراك أوباما، فقد كان معترضا على ثورة الشعب المصري ضد تنظيم الإخوان، فوقفت المملكة مع شعب مصر، وضد رغبة أوباما، الذي انصاع مرغما في نهاية المطاف.
لا شيء يسوء خلال هذه الأزمة إلا أصحاب المواقف الرخوة، من الانتهازيين والمتلونيين، ويأتي في مقدمة هؤلاء الحزبيين، ومن شايعهم من بقايا القومجية البائدة، وكذلك تجار المواقف والأزمات، فأثناء لقاء لي مع قناة سكاي نيوز، كان معنا عضو الكونجرس الأمريكي السابق، الديمقراطي جيمس زغبي، وقد حاول بكل ما أوتي من قوة الحط من قدر الرئيس الأمريكي ترمب، لأسباب حزبية خالصة، كما حاول التحذلق بالقول إن مشكلة المملكة وحلفائها مع قطر هي مشكلة خليجية!، يمكن حلها إقليميا، ولا أدري من الذي سيحل المشكلة خليجيا، حسب زغبي، إذا كانت أهم ثلاث دول خليجية قد أعلنت قطع علاقاتها مع قطر، بعد أن بلغ الصبر مداه من ممارساتها التشغيبية، وقد ذكرني زغبي بالحزبيين والقومجية أيام احتلال الكويت، الذين وقفوا ضد الاستعانة بالقوات الصديقة لتحرير الكويت، بحجة أن احتلال بلد عربي قضية يمكن حلها، دون الحاجة لتدخل دولي!
حاولت تذكير جيمس زغبي، خلال اللقاء، أن السبب الرئيسي لقطع العلاقات مع قطر، هو دعمها للتنظيمات الإرهابية، وأن الإرهاب وصل إلى أوروبا وأمريكا، وبالتالي فإن هذه القضية قضية دولية، يجب على العالم أجمع أن يتصدى لها، إذ لا معنى أن يشتكي الغرب من ويلات الإرهاب، ثم يتخذ قرارات متراخية من قرار قطع العلاقات مع قطر، كما حاول زغبي التقليل من شأن تغريدات الرئيس ترمب، الداعمة لموقف المملكة وحلفائها من قطر، مدعيا أن التغريدات يجب أن لا تؤخذ بجدية!، وهذا تذاكي غير مقبول منه، فهو سياسي أمريكي، ويعلم أن تغريدات الرئيس الأمريكي تعبر عن موقف واضح وصريح، فهو رئيس أقوى دول العالم، كما حاولت تذكيره بتصريح باراك أوباما، الذي كان السبب الرئيس لسقوط حسني مبارك، وقلت له لا يمكن لك أن تقلل من قيمة تغريدات ترمب، لأنها مثل تصريحات أوباما، التي غيرت وجه مصر، هذا مع يقيني بأن موقف زغبي من تغريدات ترمب هو جزء من موقفه من ترمب نفسه، فالديمقراطيون، ومنذ فوز ترمب، ينتقدون قراراته، حتى ولو كانت في صالح أمريكا والعالم، مثل موقفهم من قراره التاريخي بضرب نظام بشار الأسد، والخلاصة هي أن الأزمات تسقط الأقنعة، وقد سقط كثيرون، منذ قرار المملكة وحلفائها تأديب حكومة قطر الشقية! ومن ضمنهم السياسي الأمريكي جيمس زغبي!