«الجزيرة» - غدير الطيار:
شارك معالي وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى نهاية الأسبوع الماضي في الجلسة الختامية من الورشة التي نفذتها الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام تحت عنوان (بين التعليم والإعلام: نحو ميثاق أخلاقي للممارسة الإعلامية) بحضور معالي نائب وزير التعليم الدكتور عبدالرحمن العاصمي، ووكلاء الوزارة ومديري إدارات التعليم في المناطق والمحافظات والمسؤولين.
والمتحدثون نائب وزير الخدمة المدنية الأستاذ عبدالله الملفي، وعضو مجلس الشورى الدكتور فايز الشهري، والمشرف العام على الإدارة القانونية بوزارة التعليم الدكتور إبراهيم آل معدي، والمشرف العام على إدارة المتابعة بوزارة التعليم الأستاذ حمد الوهيبي، الذين أكدوا خلال حديثهم على أهمية الدور الإعلامي في طرح وتناول القضايا والمشروعات التعليمية، ووجود ضابط قانوني وأطر تنظيمية لحماية الممارسة الإعلامية للمنتمين من التعليم للوسائل الإعلامية المختلفة، مشددين على الرقابة الذاتية التي يجب أن يضطلع بها كل ممارس للعمل الإعلامي من مبدأ الحس الوطني بعيداً عن المؤثرات والعاطفة.
وقال العيسى في ثنايا حديثه عن الورشة: "من الجيد أن يتم طرح مثل هذه الموضوعات التي لها أبعاد وتشعبات كثيرة، حتى نصل إلى رؤى وتصورات وتوجهات تساعدنا في وزارة التعليم على بلورة اتجاه العمل مع الإعلام ونستطيع أن نقدم كل ما يحتاجه المجتمع من برامج وخدمات حسب الخطط المحددة في برامج الوزارة".
وأضاف العيسى: "إن قطاعي التعليم والإعلام كبيران ومتشعبان ويمتد أثرهما على كافة أفراد المجتمع، ففي كل بيت وسيلة إعلامية، وأجهزة ذكية، ووسائل اتصال مختلفة بين التقليدية والحديثة، كما أن في كل بيت هناك طالب ومعلم وولي أمر، وهناك من له ارتباط بالتعليم بطريقة أو بأخرى، بالتالي نحن نتعامل مع شريحة كبيرة من المجتمع ويهمنا أثر المعلومة التي تصل إلى هذا المتلقي الذي يبدأ في تكوين رؤيته وتصوراته وحكمه على الأشياء وعلى القضايا التي تطرح في وسائل الإعلام، والهدف الأساسي الذي أسهم في حرص الزملاء في إدارة العلاقات والإعلام على طرح هذه الورشة ودعوة الزملاء من مختلف الإدارات يرتبط بالملاحظات التي تصلنا في الوزارة فيما يتعلق بالدور الإعلامي لمنسوبي التعليم من موظفين ومعلمين وإداريين وغيرهم، والمسؤولية الإعلامية المنوطة بهم، وهل هناك ارتباط سواء كان قانونيًا أو أخلاقيًا فيما يتعلق بدور كل من يمارس مهمة الإعلام وهو منتسب لوزارة التعليم، وكيفية ضبط هذه العلاقة، وكيف نتعامل معها، وكيف نؤسس علاقة صحية تخدم المجتمع وتخدم التعليم والبيئة التعليمية، ولا شك أن وسائل الإعلام اليوم مؤثرة وتتفاوت في قدرتها على إيصال المعلومة أو الخبر سواء كانت وسائل الإعلام المرئية أو المقروءة".
وأشار العيسى إلى أن الفضاء الإعلامي أصبح فضاء واسعًا وغير منضبط أحياناً نتيجة التقدم التقني ودخول وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من كل شخص ربما إعلاميًا بالممارسة، وليس بالضرورة أن يكون لديه تأهيل إعلامي أو تدريب إعلامي، فكل شخص يستطيع أن يرسل صورة أو يرسل خبر أو يخلق إشاعة، سواء نجح في إيصال هذه الرسالة إلى عدد كبير من الناس أو بقيت محدودة، مبينا أن النقد البناء يساعد كثيراً في تصحيح مسارنا وفي تصحيح أي قرارات تصدر أو برامج أو مشاريع، ووسائل الإعلام تكشف لنا كثيرًا من جوانب النقص والقصور والضعف.." ونحن نثق بكل الذين يعملون في كافة المستويات، ولا نعتقد أن هناك من الذين يعملون في جهاز الوزارة أو إدارات التعليم أو الجامعات من يحاول أن يسيء إلى مهنته أو مجال عمله، ولكن العلاقة مضطربة فيما يتعلق ببعض زملائنا الذين يمارسون العمل الإعلامي وهم من منسوبي الوزارة وعددهم ليس بكثير مقارنة بحجم عدد المعلمين والمعلمات والموظفين الإداريين، ولكن لهم صوت مهم ومؤثر سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا، وهو ما يجعلنا نبحث في العلاقة الصحيحة التي يجب أن تبنى في هذا الإطار".
وألمح وزير التعليم إلى أن وزارة التعليم رغم ما تتعرض له من انتقادات وحملات إعلامية في بعض القرارات التي تصدر، سواء كانت في وسائل التواصل الاجتماعي أو بعض الوسائل الإعلامية، وبغض النظر عن مدى ومستوى صحة أو خطأ مثل هذه الحملات، إلا أن الجميع في الوزارة يؤمنون أنهم يعملون بجد ووفق الإمكانات وبكل شفافية ووضوح، وأن النتائج هي التي ستثبت صحة القرارات أو البرامج التي نعتمدها، مؤكداً على أهمية أن يكون هناك تأسيس لمناخ جديد من العمل ما بين الوزارة ومنسوبيها الذين يعملون في مجال الإعلام، والتأسيس لعلاقة صحية لديها باب أخلاقي يرتبط فيه الجميع، ويسهم في تعميق قدرة الوزارة على إيصال رسالتها بصورة صحيحة والاستفادة مما لدى الزملاء الإعلاميين منسوبي الوزارة من قدرات في إيصال الرسالة الصحيحة.
واستطرد العيسى: "نحن لا نسعى للبحث عن خلق صورة غير واقعية عن التعليم، ولا أن نخلق صورة وردية عنه، وأنه أصبح في مسار مستويات التعليم في بعض الدول المتقدمة وإنما نعترف بالواقع والأخطاء ونعترف أن هناك جهودًا كبيرة تبذل لتصحيح هذه الصورة وتحقيق تقدم حقيقي في مجال التعليم"، مؤكداً أن صورة الوزارة أمام الرأي العام مهمة ونريد أن يتفهم الرأي العام المشاكل التي نواجهها والعقبات والتحديات، ويتفهم الإنجازات التي تتحقق بدون مبالغة في رسم هذه الصورة، كما لا نريد أن نسعى من خلال حملات إعلامية إلى أن نجمل هذه الصورة بشكل غير صحيح بل نريد أن نعكس صورة حقيقية عن التعليم.
وتابع العيسى: "الذي يقلقنا أن يحصل الخلل فيما يتعلق بثقة الجسم التعليمي والتربوي الذي يمارس العمل الحقيقي داخل الميدان التربوي من معلمين ومعلمات بقدرة الوزارة على التطوير وتنفيذ الخطط والسياسات التعليمية، والذي يرصد بعض ردود الفعل في وسائل التواصل الاجتماعي يشعر أن بعض المعلمين والمعلمات تتكون لديهم بعض الشكوك وعدم الثقة في الوزارة وفي خططها وبرامجها وتوجهاتها، ونحن نعتقد أن جزءًا من هذه المسؤولية يقع على بعض الزملاء في الوزارة الذين يعملون في الإعلام وينقلون صورة غير صحيحة أو يبالغون في الطرح الإعلامي، إما لغرض الإثارة، أو حملات إعلامية لجذب بعض الجماهير، أو لأهداف غير معروفة، وبالتالي نريد أن ندرس هذه العلاقة بشكل صحيح من الناحية القانونية والأخلاقية".
وأوضح العيسى أن هناك مؤسسات اقتصادية وحكومية في كثير من الدول تمنع موظفيها من ممارسة العمل الإعلامي أثناء الخدمة لحماية مؤسساتهم من أي تسريبات أو معلومات داخلية ربما يساء استخدامها لو تم نشرها، فقد تكون هناك فكرة أو مشروع تحت الدراسة قد تظهر بعض التسريبات التي تسيء إلى هذا المشروع أو ربما تحرفه عن المسار الصحيح من خلال النشر الإعلامي، مشيراً إلى طلبه من الإدارة القانونية وإدارة المتابعة وإدارة العلاقات العامة والإعلام في الوزارة دراسة هذا الجانب، وتكوين تصور في المستقبل للتعامل مع هذا الموضوع.
ونوه العيسى إلى أن هناك إغراءات من المؤسسات الإعلامية المختلفة، وغيرها من الإعلام الجديد الذي ربما يعمل فيه شخص دون أن يكون منتسبًا لعمل في مؤسسة إعلامية بشكل رسمي، موضحاً أن الوزارة حريصة ألا تنشغل بالعمل الإعلامي بشكل كبير حيث إن لديها أعمالها ومسؤولياتها وبرامجها، ولو أن كل مسؤول في الوزارة أصبح همه كل ما ينشر أصبح هذا الهم معيقًا للتركيز ووضوح الرؤية ويصبح أسيرًا لردود الفعل لما يطرح في وسائل الإعلام وهذا خلل كبير لو سمحنا لأنفسنا أن نعمل ضمن هذا المناخ، وهمنا هو كيف نعمل ضمن عمل مؤسسي في إيصال صورة صحيحة عن التعليم ونقدمها للناس بأسلوب مهني صحيح بعيد عن الإثارة والمبالغة وأن نعترف بالأخطاء ونتعامل مع القصور الموجود في الميدان بكل شفافية ونتقبل النقد.
وأبان الدكتور العيسى أن الجميع يعمل ضمن أنظمة الدولة وهناك قوانين وأنظمة تحكم العمل الحكومي سواء كان نظام الخدمة المدنية أو أنظمة المطبوعات أو أي أنظمة معنية بحفظ الحقوق العامة أو الخاصة للموظفين وغيرهم، وبالتالي سنعمل على بلورة تصور أكثر وضوحًا في هذا الجانب.
من جانبه أكد نائب وزير الخدمة المدنية الأستاذ عبدالله بن على الملفي أن وزارة الخدمة المدنية شريك أساسي لوزارة التعليم، وأن الإعلام في المملكة وصل إلى درجة من النضج يحسب له حساب حتى خارج الحدود، إلا أن هناك موضوعات تثار إعلامياً خاصة فيما يتعلق بالمعلم ووظيفته والحقوق والواجبات الوظيفية التي يتمتع بها الموظف والوقائع التي تحدث أثناء مزاولته لمهنته، مشيرًا إلى أن العلاقة بين الموظف العام والدولة أو المنشاة هي علاقة تترتب عليها واجبات ومسؤوليات وتعطيه حقوقًا وامتيازات وكذلك بقدر ما يحرص الموظف على عدم نقص هذه المميزات فقد كفلت الأنظمة القضائية والإدارية أن تحمي الوظيفة العامة وأن تعطى حقها وأن تصان.
وأوضح الملفي أن آخر ما صدر من مدونة قواعد السلوك والوظائف العامة تؤكد على تفرغ الموظف لوظيفته، ولا يجوز له أن يجمع بين عمل وآخر في نفس الوقت، ولكن لا يعني حرمان الموظف أو الحيلولة دون ممارسة بعض الأعمال بجانب عمله الأساسي، والموظف بحسب الأصل مطالب بالتفرغ لأداء عمله وعدم الاشتغال بالأعمال الحرة على سبيل الاحتراف، ولكن لا يمنع أن يستفيد من إنتاجه الفني والفكري باعتبار أن هذه الأعمال لا تعد استغلالاً بالتجارة التي يحضر على الموظف مزاولتها في طريقة مباشرة أو غير مباشرة وذلك وفقاً لما نصت عليه فقرة أ من المادة الثالثة من النظام والفقرة د من لائحة الواجبات الوظيفية، مبيناً أن العمل في المؤسسات الإعلامية من الأمور التي يحضر على الموظف القيام بها، أما المشاركة في الكتابة في وسائل الإعلام المختلفة فإنها لا تخرج عن كونها استثمار للإنتاج الأدبي والفكري المسموح به نظاماً للموظف العام، ولكن هذا السماح لا يعني أن الموظف عند الكتابة لا يلتزم بالقيم المهنية والأخلاقية في علاقته بالآخرين انطلاقاً من أهمية الدور الذي يضطلع به والأطر الأخلاقية التي يعمل بها واكتساب صفة الموظف، مما يتعين عليه الالتزام بالواجبات التي تحتم عليه العمل على أهداف الجهة التي يعمل بها ورؤيتها ورسالتها وتعزيز سلطتها وتحقيق المصلحة العامة دون سواها والالتزام بالقيم الأخلاقية الحميدة والإخلاص والولاء لدولته والحفاظ على سرية المعلومات الشخصية للآخرين أو المعلومات التي يطلع عليها، ويحظر على الموظف الإدلاء لوسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عن الموضوعات التي ما زالت تحت الدراسة أو توجيه النقد أو اللوم للحكومة ونشر بيانات أو خطابات تناهض سياسة الدولة وتتعارض مع أنظمتها السياسية وفق ما ورد في المادة الثالثة من مدونة السلوك الوظيفي.
وفي ذات السياق أكد عضو مجلس الشورى الدكتور فايز الشهري على أهمية حماية المهنة وأنها واجب أخلاقي، مشيراً إلى حماية نظام حرية تداول المعلومات وحماية الخصوصية لا سيما ونحن في عصر السرعة، كما تناول المعلم ومهنته وبين المواثيق التي يجب أن يتحلى بها على اعتبار أن القوانين تمنع الشيء الواضح والثابت، كما أن الأخلاق تكون مانعًا ذاتيًا.
وأبان الشهري أن دور الإعلامي الأساسي هو التنوير والتوضيح للأمور، وممارسة الرقابة الذاتية على النفس كعمل أخلاقي يحكمه قوانين ونظم لا بد من التقيد بها خصوصًا أن هناك 600 ألف معلم يعملون في مؤسسات إعلامية، وهم في المقام الأول مواطنون يسعون إلى نشر المبادئ والقيم ويحكمهم الحس الوطني والمهني.
بدوره أكد الدكتور إبراهيم آل معدي المشرف العام على الإدارة القانونية أن النقد البناء مطلب من الجميع وهذا ما تهدف له المصلحة العامة ولكن التجاوز بأي صفة نصت عليها الأنظمة من الأخلاقيات المخالفة للنظام غير مسموح بها ويجب أن تكون ضمن أطر قانونية، منوهاً إلى نص الأنظمة في المملكة على الغرامة والسجن لمن يرتكب جرائم معلوماتية، وأضاف أن الإدارة القانونية تعمل بشكل مستمر على مثل هذه التشريعات والتنظيمات التي تحفظ الحقوق وتحقق المصلحة العامة، واستحسن آل معدي إقامة مثل هذه الجلسات ودورها في إيضاح عديد من الأمور القانونية التي ربما تكون غائبة عن البعض، وفتح مجالات النقاش حولها بما يحقق الهدف السامي للوصول إلى قيمة مضافة تحمي وتحفظ الحقوق وفق أنظمة وإجراءات واضحة للجهات الحكومية ولممارسي العمل الإعلامي من داخل تلك الجهات سواء وزارة التعليم أو غيرها من مؤسسات الدولة، كما تسهم في تعزيز الحس الوطني الذي يجب أن يكون الركيزة الأساسية لهذه الممارسات.
وأضاف المشرف العام على إدارة المتابعة بوزارة التعليم الأستاذ حمد الوهيبي أن هناك مساحة واسعة من المجال الإعلامي للحديث عن الإنجازات والأعمال الجبارة التي يمكن أن تطرح وتناقش وأيضًا هناك مجالات للأخذ والرد والنقد الهادف، مؤكداً أن هناك عديدًا من القضايا الإعلامية التي تمس وزارة التعليم من منسوبيها المنتمين لبعض الوسائل الإعلامية وطغى عليها الدور الإعلامي دون التثبت من اكتمال المعلومة عن الموضوع أو القضية المطروحة كما أن هناك بعض الممارسات التي تأكد خلالها الإخلال بالعمل الأساسي كمعلم أو منتمٍ للعملية التعليمية وهو ما يدعو وزارة التعليم في المرحلة القادمة للتوسع قليلا للحد ومعالجة ما ينشأ من إثارة أو إخلال في المهنة في كل قضية من القضايا التي تتم إثارتها في وسائل الإعلام، مبيناً أن هذا لا يعني عدم وجود طرح إيجابي ومتوازن فهناك إحصاءات تؤكد أن ما يطرح إعلاميًا سواء في وسائل الإعلام الرسمية أو شبه الرسمية أو وسائل التواصل الاجتماعي من المنتمين لمهنة التعليم غالبيتها إيجابية وبناءة وفيها من الفكرة المميزة والطرح الرائع والتحليل ما يعين صاحب القرار وتستفيد منه الوزارة.
وأوضح الوهيبي أنه سبق للوزارة أن قدمت ميثاق أخلاقيات مهنة التدريس متضمناً جزءًا كبيرًا منه للأمور الأخلاقية التي ينبغي للمعلم والمعلمة الذين يحملون هذه الرسالة أن يراعوها داخل العمل وخارجه وحينما يتعاملون مع القطاعات الأخرى، كما درست الجهات التنظيمية ومنها مجلس الخدمة المدنية، وأصدرت قرارًا للتعامل مع من يقع في المخالفات من المعلمين والمعلمات ومنها المخالفات الصريحة في مجال الإعلام.