سعد بن عبدالقادر القويعي
لم يكن تحذير مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وعضو هيئة كبار العلماء -الدكتور- سليمان بن عبد الله أبا الخيل، ضمن فعالية تحت عنوان «رمضان فرصة للتغيير»، التي نظمتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالتعاون مع المباحث العامة بالحائر ممثلة «بإدارة الوقت»: «من اتباع بعض المغرضين الذين يستغلون شبكات التواصل الاجتماعي في تجنيد شباب المسلمين، وتوريطهم بتنفيذ عمليات قتل دون معرفتهم من يجندهم»، متسائلا عن بعض الدعاة: «الذين يتباكون على أوضاع المسلمين، ثم يدفعون بأبنائنا لمناطق الصراع، ويرفضون إرسال أبنائهم»، منوها بأنه: «يجب علينا جميعا تحصين الأبناء، وعدم تركهم فريسة للأعداء، ودعاة الفتنة؛ لتوريطهم في الانضمام للجماعات الإرهابية»، سوى إدراجها ضمن المصائب التي عمت، وطمت في البلاد الإسلامية؛ نظرًا لشرها العظيم، وخطرها المستطير، ولما فيه من من الافتيات على ولاة الأمور.
الواقع يؤكد على أن دعوات التغرير تقودها أطراف سياسية خارجية، ليس لها أي علاقة بالدين، أو المذهب. كما تقودها حركات الإسلام السياسي حول العالم، التي لها تاريخ طويل في البحث عن السلطة، تحت شعار «تطبيق الشريعة الإسلامية»؛ فتوافقت تلك الدعوات مع مرحلة عمرية حرجة من الحماس اللامتناهي، وضعف الخبرة، والنظرة القصيرة، وقلة العلم الشرعي، ممن يريدون تغيير الواقع في طرفة عين، دون النظر في العواقب، ودون فهم للظروف السياسية، والاستخباراتية، والأمور التي تحيط بهذا الواقع؛ فتعرضت فريضة الجهاد لخطف الخاطفين؛ انطلاقاً من أهواء شخصية، ورغبات ذاتية، وانتماءات مذهبية، وحزبية، وسياسية ضيقة. فما بالك وقد اجتمع معه كيد الأعداء من الشرق، والغرب، وتنامى فيه المد الصفوي، متحولاً من تصدير الثورة إلى تصدير الإفساد، والإرهاب، والعنف، والسعي لاستثمار العواطف غير المرشدة من بعض شباب الأمة.
إن الإعلام المؤثر، والزخم العاطفي، والإيمان بالأفكار الخاطئة، أوجد نوعا من التواصل بين أصحاب تلك الدعوات التحريضية، ومستخدميها -من جهة-، وبين المستخدمين أنفسهم -من جهة أخرى-، وكانت سببا رئيسا في التغرير بالشباب، واستقطابهم عبر العديد من الوسائل التقنية، والتضحية بأنفسهم بمبررات واهية، ومزاعم مضللة، التي جعلت من الدين عباءة لاستنفار تلك العقول، والقلوب الغضة؛ ولتنساق وراء تلك الدعوات الجهادية الكاذبة، بعد أن أوقدوا فتنة وجدت لها أرضًا خصبة في منطقة الشرق الأوسط، وشوهوا صورة الإسلام بنقائه، وصفائه، وإنسانيته.
إن الحد من اندفاع الشباب إلى الانخراط في هذه النشاطات يتطلب وجود خطاب ديني، يعمل على تصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة عند البعض عن الجهاد، وأن يرتبط قيامها بدعوة ولي الأمر تحديداً؛ لا غيره من آحاد الناس، أو جماعاتهم، وأحزابهم، وأن يلامس عقول الشباب، وأن تعمل على تعزيز قيمة الحياة، بعيداً عن مناهج التشدد، ومسالك التطرف التي تشوه صورة الإسلام ، وتسيء أبلغ الإساءة إلى المسلمين -عامة-؛ فيتلقفها خصوم الإسلام، والجاهلون به للتشنيع عليه، والتخويف منه، ومن أهله، -إضافة- إلى استعداء الأمم عليهم.
من قلب صادق يفيض بالحب الممزوج بالألم، كانت دعوة -معالي الشيخ- سليمان أبا الخيل واضحة المعالم، بأن الجهاد الذي يقصد منه الفتح، ودعوة الكفار إلى الإسلام، وقتال من أبى الخضوع لحكم الله، لا بد فيه من إذن الإمام؛ حتى تنضبط الأمور؛ لأن إذن الإمام مانع من الفوضى التي يمكن أن تنشأ من إعلان بعض المسلمين الحرب على أعداء الله، دون تقدير لظروفهم، وقوتهم، وقوة عدوهم. كما أن اجتماع الناس من قبَل الإمام يزيدهم قوة؛ -فضلاً- عن التزامهم بالواجب الشرعي في طاعته، فيما لم يخالف فيه شرع الله، وبذلك يكون المسلمون المجاهدون صفّاً واحداً، يجتمعون على نصرة الدين، وحماية شرع الله.