محمد عبد الرزاق القشعمي
هي غالية بنت عبدالرحمن بن سلطان البدري الوازعي البقمي - وقبيلة البقوم تتفرع إلى بطنين المحاميد ووازع.
وقد تزوجت زعيم فرع المحاميد حمد بن عبدالله بن محي الذي ما لبث أن توفي إثر إصابته في إحدى المعارك، ولم يخلف إلا ابنا صغيراً فأقام زوجته غالية وصية على ابنه (هندي) حتى يبلغ سن الرشد.
ولكونها زوجة الأمير الراحل والوصية على الوريث الشرعي للزعامة، وبفضل ما كانت تتمتع به من قدرات ذهنية بارعة ومزايا أخلاقية عالية إضافة إلى كونها فارسة، فقد أجمع رجال القبيلة على التسليم لقيادتها ووثقوا بحكمة وصواب تدبيرها..
وكانت قبيلة البقوم من القبائل العربية التي ناصرت الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود في الدرعية - في عهد الدولة السعودية الأولى - وأعطوه البيعة على السمع والطاعة وعلى رأسهم زعيمهم حمد بن عبدالله بن محي زوج غالية.
قالت عنها الدكتوره دلال بنت مخلد الحربي في كتابها (غالية البقمية.. حياتها ودورها في مقاومة حملة محمد علي باشا على تربة): «.. انجبت ابنته (زملة) بقي من أثرها قصر يعرف باسمها حتى الوقت الراهن، وابناً اسمه (هندي) توفي صغيراً... » وقالت: «.. كما كانت تملك رأياً حازماً وسديداً في مختلف نواحي الحياة، وأتاحت لها الحياة الزراعية التي تعيشها تربة أن يكون لها رأي في بعض المشروعات التي كان الأهالي يرغبون في تنفيذها، منها ما قيل إنها منعت إقامة السد الترابي في مضيق الذراعين شرق القويعية والنغير خوفاً على تربة من ارتداد الماء».
وقد قارن الأستاذ سعد العفنان بين غالية البقمية أميرة تربة في أوائل القرن الثالث عشر الهجري والملكة زنّوبيا ملكة تدمر في القرن الثالث الميلادي في الدفاع عن وطنها ضد الدول العظمى الباغية.
فالملكة زنوبيا ضربت الأمثال بشجاعتها ودهائها السياسي فهي من أبرز أعلام النساء العربيات في التاريخ القديم.. فهي زوجة ملك تدمر الذي قتل غدراً من قبل الرومان فتولت زوجته زنوبيا شئون المملكة وصية على ابنها الصغير، وقادت المعارك بمقدرة فائقة فخافها الرومان وجهزوا لها جيشاً قوياً استطاعت التغلب عليه ودحره، والتي قال عنها الأمبراطور الروماني أورليانوس في كتاب وجهه إلى المجلس الأعلى في روما قائلاً: «يقول الرومانيون إني أحارب امرأة والحقيقة أني أحارب ملكة عظيمة ولكن اعلموا أن زنونبيا إذا قاتلت كانت أرجل من الرجال.. » (1).