د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** لم يكن رئيسَ مجلس إدارةٍ شرفيًا لا يُقرأ اسمُه إلا في ترويسة الصحيفة ولا يرى وسمُه إلا في اجتماعاتها؛ فقد كان أبو طارق - كما يُعرّف بنفسه ويفضل أن يُنادى - قريبًا من التحرير بحب ومن الإدارة بحدب، وكثيرًا ما اتصل بصاحبكم محفزًا وموجهًا لا من موقعه بل لتوقعه إذ كان مؤمنًا بقيمة الصحافة الثقافية ودورها في قيادة الحراك التنموي ومسؤوليتها في تغيير السائد وتطويره.
** كان مبتدأ العلاقة بينهما منفصلًا عن انتخاب أبي طارق رئيسًا لمجلس إدارة الجزيرة فقد ألقى صاحبكم كلمة في مناسبة «لعلها تكريم معالي الشيخ عبدالله النعيم قبل بضعة عشر عامًا» - والعتب على ذاكرة فقدت عذريتها - فطلب نصّها ، ثم هاتفه كما دعاه إلى جلسات ممتدة في مكتبه بمجموعة المطلق فتمتنت العلاقة «الذهنية» ودام الوصل الجميل منطلقًا من الكلمة ومتمحورًا حولها.
** آمن أستاذنا مطلق بن عبدالله المطلق بقيمة المجلة الثقافية التي تبناها ونمّاها وآزرها أستاذنا خالد المالك بالرغم من أنها عبءٌ مادي على المؤسسة؛ لا تجلب إعلانًا ولا ترعى معلنين، ويُشهد التأريخ أنها وجدت من رئيس التحرير والمدير العام كما رئيس مجلس الإدارة دعمًا فريدًا ؛ فاستكتبنا كما كتبنا من شئنا كما شئنا، وكانت الإشارة الأولى من أبي بشار: «أنت مسؤول مثلما أنت مُساءل» وقد وفى بكل معاني الوفاء فلم يلغِ كتابةً ولم يعترض على كاتب ، وحين تصله ملاحظة على ما ينشر في المجلة يطالب مدير التحرير بالتوضيح ويكتفي بالتوجيه، ولا ريب أن تناغم الثلاثي «أبي طارق وأبي بشار وأبي سعد» قد منح الجزيرة حضورًا وحظوة وفاعلية جعلتها تتسنم موقعها الريادي وتحقق تميزها المهني .
** يغادر أستاذنا المطلق مكانه وتتجذر مكانته؛ فما كان رقمًا عابرًا بل مظلة غامرةً ، وليس لهذه الكلمات العجلى أن تُعبّر عن مضمر ولكنها تَعبرُ الضمير فتتمثل حروفًا مكتنزةً بمشاعر الامتنان لهذا الرمز الإداري الكبير الذي شهد صاحبكم له مواقف إنسانية خارج مسار العمل الصحفي ؛ فالثقة التي نمت بينهما أتاحت لصاحبكم قربًا من دائرته الخاصة واطّلع على بعض مشروعاته كما تشرف - من أرضية الصداقة المجردة - ببعض الأعمال «المطلقية» النوعية فوعى منها دروسًا لا توفرها مقاعد الدرس بل إشراقات النفس.
** ليت أستاذنا وصديقنا أبا طارق يكتب تجربته العملية العريضة في مجموعتهم التجارية والبنك الأهلي ومؤسسة الجزيرة وتنظيمات المجتمع المدني وأعمال البر الأهلية؛ فلديه الكثير مما يضيئه ويضيفه ؛ بارك الله في عمره وسدد عمله .
** الإدارة إنسان.