وحدي صمتُّ طويلًا .. كي أعودَ لَهُ
منذُ استحلَّ دمي دهرًا .. وحلَّ لَهُ !
أتيتُهُ والخطى كالغيمِ يحملُها
شوقٌ .. إذا صوَّحَ الظمآنُ .. بلَّلَهُ !
أتيتُهُ وسؤالُ الوجدِ فوقَ فمي
صدًى يؤرِّقُ صوتي منذُ علَّلَهُ !
اللَّيلُ لي .. لو أطلتُ السُّهدَ ما سئمتْ
عينايَ .. أو سئمَ التَّرتيلُ والوَلَهُ !
هذي النُّجومُ الحيارى مِن يدي ألِفتْ
نجمًا يخبِّئُ في الأوراقِ مِشعَلَهُ !
ما فرَّ من لغةٍ إلَّا وفرَّ إلى
حرفٍ يُجدِّدُ - ملءَ الرُّوحِ - مَقتَلَهُ !
أزورُ ما ضاعَ منَّا بالغيابِ .. فما
أندى دقائقَهُ العجلى وأجمَلَهُ !
للآنَ يسكنُني الماضي .. ويسكنُهُ
ذاكَ الذي قلبيَ المَشبوبُ أوَّلَهُ ..
قصيدةً كانَ وجهي .. صارَ معجزةً
بهِ التَّجاعيدُ تحكي ما تحمَّلَهُ !
كانَ الوداعُ عَصيًّا .. لم يجدْ أثرًا
فينا يمرُّ بهِ .. إلَّا وميَّلَهُ !
وكيفَ كُنَّا ؟! نعم .. كُنَّا فَمًا ويَدًا
ومصحفًا وصلُنا بالأمسِ رتَّلَهُ !
كُنَّا نعبِّئُ كأسَ الأُنس .. دانيةً
قطافُنا .. والرُّضابُ الحُلوُ كَلَّلَهُ ..
يميدُ بي ذلكَ النَّايُ الذي عزفتْ
به اللَّيالي .. فأشجاني وأثمَلَهُ ..
ولم يزلْ بفؤادي صاخبًا .. طَربًا
وكلَّما مرَّ حرفٌ منهُ .. قَبَّلَهُ !
أريدُهُ .. وفؤادي محضُ عاصفةٍ
والرُّوحُ تصرخُ : إنَّ الشَّوقَ زلزَلَهُ !
وحدي وأوشكُ أنْ أنأى .. ويصرعُني
أنَّي أراهُ .. ولكنْ لا سبيلَ لَهُ !
- شعر/ محمد شاكر نجمي