في واحدة من أغرب الأمنيات، تمنيت لو أنني أستطيع أن أستكتب صوتي لذاكرتي، فأترك بعد ردح من الزمان تركة تتكون من ذاكرة مقروءة، تشهد على وجع الأسئلة وتشكيلات النهاية، وصراع النبرات في طبقاته المرتفعة أو المنخفضة. ذلك لأن الصوت هو الظاهرة الاعتراضية الوحيدة التي يمكن لنا أن نستخدمها حين نتمرد على الزمن، وهو مظاهرة الصراخ في وجه الأحزان العاتية!.
هذا الصوت هو المبعوث الوحيد من جنسنا إلى العدم، إنه يعرج في رحلة استباقية إلى مجاهل الحيوات التي لم نمرق بها بعد، أو تلك التي خلت قبلنا بأزمانٍ وأزمان، إن يعبر على صراط من الحدة والليونة، عائداً بأكوام من الصرخات المنسية إلى حيث كان قبل أن تولد «لا» مكسورة في النفس البشرية.
الصوت هو القرينة الوحيدة والبعد الأزلي الأقدم في تاريخ الرفض، وهو كذلك النمط الأكمل في التعبير والاعتبار والعبور فوق جسور البوح الموسيقية، لذلك إني أريد أن أستكتب كل تلك اللاءات الصوتية التي ماتت على باب الوجود، قبل أن تخرج من فمي في شكل صوت رافض وغضبان وساخط على الأزمنة التي لم تعرني اهتماماً ولم تنظر في شكواي المزمنة من التقلبات الدورية الدائمة إلا بنظرة السخرية!
الصوت هو جيشي الغاضب، والجيش المنتكس للوراء، غير أننا نتجاهل كل هذه الثقة التي نحملها إياه ونزوغ إلى صمت عميق لا يدرك مغزاه أولئك الذين لم يفتأ أقلهم علماً عن الثرثرة في كل مجال.
لا أدري في حقيقة الأمر لماذا أستعيد فكرة الصوت هذه كلما تذكرت كتاب عبدالله القصيمي (العرب ظاهرة صوتية). ربما هو ربط الشيء بالشيء أكثر من ربط بين المعاني والحكم!.
أخيراً: أين صوتي؟!
- عادل الدوسري
aaa-am26@hotmail.com
AaaAm26 @