فهد بن جليد
يقول عالم النفس الأمريكي جيفري بيرنستين إنَّ طفلك سيجد حرجاً كبيراً، وصعوبة بالغة في التعبير عن نفسه، مما يؤثر على شخصيته سلباً عند الكبر, في حال استمعت إليه وأنت مُنشغل عنه (بشيء آخر) كقراءة صحيفة، أو مشاهدة التلفاز، أو حتى تنظيف المنزل أو الطبخ بالنسبة للأم، مؤكداً أهمية الالتزام بالإنصات والانتباه الكامل للطفل، مع عدم مُقاطعته عند الحديث، تحريك الرأس للمُتابعة والاسترسال، منحه الفُرصة كاملة للتعبير عن أفكاره مهما كانت تافهة أو بسيطة من وجهة نظرنا، والمُصادقة على كلامه بتكرار بعض العبارات التي يستخدمها أو يرددها.
هناك أخطاء نرتكبها عند الجلوس مع صغارنا إلا أنَّ أكثر الأشياء إيلاماً اليوم هو شعور الأطفال بالتهميش، نتيجة صعوبة تمكنهم من لفت انتباه آبائهم عند جلوسهم معهم في المنزل لفترات قصيرة، بسبب إنشغال مُعظمنا - شبه الكلي - بتصفح الأجهزة الذكية ومتابعة الرسائل الإلكرونية وآخر المُستجدات الحياتية والإخبارية، مما ساعد في نشوء أمراض صامتة لدى الصغار بسبب التقنية التي اقتحمت حياتنا، وأثرت سلباً على علاقاتنا ومشاعرنا الأسرية، مع أخطاء غياب الاتصال الحقيقي بين الأب والأم من جهة، وبين أطفالهم من جهة أخرى، الغرب بدأ يكتشف مثل هذه الأخطاء ويحذر منها، فيما التقنية تغرق مُجتمعاتنا (كباراً وصغاراً) في مزيد من التصدع والتشقق الأسري.
ثلاث دراسات أمريكية نشرت خلال النصف الأول من عام 2017م، أكدت جميعها على الخطر الكبير، والتأثير البالغ على نفسية وسلوك الأطفال عند شعورهم بالإهمال العاطفي وعدم المُبالاة من الآباء والانشغال عنهم، مما خلق حاجزاً نفسي يشعر به الصغار ولا ينتبه له الكبار، وهو ما ساعد على تسلل مشاعر الإحباط، والفتور لنفوس النشء نتيجة إدمان الآباء وانشغالهم طوال الوقت بتصفح التقنية، مما نجم عنه سوء سلوك، وفرط حركة، واضطراب، وربما إدمان الأطفال أنفسهم للأجهزة الذكية.
الخبيرة الأمريكية لورا جويت تقول مهما جلس الأبوان مع أطفالهم، فإن ذلك لا يُعد اتصالاً حقيقاً بين أفراد الأسرة، طالما أنَّهما مُنشغلان عن الحديث مع الصغار أو الاستماع لهم، الطفل اليوم بحاجة للاحتواء والإنصات، وجيع الأخطاء التي نرتكبها أثناء الجلوس معه، تتورط فيها التقنية، مما يعني أنَّ الحل هو في تعطيلها عند اقترابك من صغيرك.
وعلى دروب الخير نلتقي.