محمد المنيف
كثير ما يتردد في كل لقاء بين مجموعة من التشكيليين في أمسية أو ندوة أو ملتقى فني يجمع أطراف الوطن ممثلاً في الفنانين الذين يأتون من كل منطقة، يتداولون الحوارات، ويأخذ موضوع النقد حيزاً ليس بقليل، خصوصاً إذا كان المشاركون من أصحاب الخبرات المتفقين على ان النقد لا زال غائبا وليس (مفقودا) في ساحتنا التشكيلية، فهو موجود بمقوماته ومواصفاته العلمية ومعاييره الفنية، لكنه يفتقر إلى البيئة المرنة والممتلكة للروح الرياضية إذا صح التعبير، إذ إن حال البيئة التشكيلية حالياً لا زالت تدار فيها حوارات عقيمة لا تتجاوز التجريح والاتهامات أكثر منها أحاديث علمية متخصصة في الفنون، وإن كان بها شيء من النفع فهو فيما يطرح من أحاديث عن الذات و(البطولات) التي قام بها المتحدث محلياً وعربياً لا تسمن ولا تغني جوع من يريد نقداً أو طرحاً راقياً.
وإذا غضضنا الطرف عن مثل تلك الشوائب وتعاملنا مع الحوار الهادف والباحث عن حلول فإننا سنعود إلى ما مر به النقاد على مستوى العالم من مصادمات وهجوم واعتراضات لا زالت تنتقل من جيل إلى جيل ومنها ما نتابعه منذ ان عايشنا هذا الفن على المستوى العربي، عودا إلى أن نقدا حقيقيا يكشف الأخطاء ويعري أجساد كثير من اللوحات ويفضح النقل والتزوير والتقليد وأيضا البدايات العرجاء والمتردية من سوء تنفيذ وقصور في بناء اللوحة، ومع أن لدينا من النقاد من يمتلك الأدوات القوية والقادرة على تبيان تلك الأخطاء التنفيذية في أي عمل عودا إلى تجارب هؤلاء النقاد وخبراتهم واطلاعهم وقراءاتهم واتصالهم وتواصلهم مع نقاد مخضرمين عرب، لا كما يتوقعه البعض ممن يرى غياب النقاد الذين لو تحركوا أو طبقوا معايير نقدهم فلن يكون في صالح الكثير ممن يطالب بالنقد، إذ لن يخرج النقاد من الساحة إلا بواحد في المائة من هذا الزخم من الفنانين وأشباه الفنانين من رسامين وهواة يحتاجون للتأهيل لتتقبل النقد، فالكثير ممن بالساحة لا يقبلون ان يمس ما يقدمونه من خزعبلات فنية ويعتبرون نقدهم جريمة.