خالد الربيعان
منذ تأسيسه حتى العام 1983 لم يكن فريق مثل نابولي الإيطالي ناديًا يُذكر.. ليس له ماضٍ مشرف، ولا حاضر يستحق المشاهدة، ولا مستقبل مضيء!
ربما يذكر جميع المهتمين بالشأن الكروي العالمي كيف أن لاعبًا واحدًا جاء بصفقة، لعبت الظروف الصعبة للاعب نفسه دورًا فيها، هو دييجو أرماندو مارادونا، أو أفضل من لمس كرة القدم كما يعترف جل من يهتم بها.. قد كان ارتباطه بلون النادي الإيطالي الأزرق هو السر في معرفة العالم أجمع أن هناك ناديًا يحمل هذا الاسم من الأساس.
فمارادونا الذي كان في حالة نفسية سيئة للغاية مع برشلونة لم يمانع من الانتقال لنابولي بعد أن شعر أنطونيو جوليانو مدير الكرة بنابولي بحالة دييجو!.. انتقل مارادونا إلى الفريق الإيطالي المغمور مقابل 8 ملايين دولار - وهو رقم كبير في ذلك الوقت - براتب شهري كبير للغاية أيضًا، قارب على 83 ألف دولار شهريًّا، إضافة إلى ربح الإعلانات والنشاطات الربحية الأخرى التي كانت تجلب للاعب أكثر من نصف مليون دولار في العام..!
كانت الصفقة كالزلزال.. ولم يكن العالم وقتها يتكلم في غير تلك الحادثة العجيبة.. نابولي أحد أكثر المدن الإيطالية فقرًا وإجرامًا وجوعًا.. دفعت 16 مليار ليرة إيطالية لأجل أن يلعب أفضل لاعب كرة قدم بالعالم في ناديها بالدوري الإيطالي!
يكفي أن تعرف عزيزي أن بعد هذه الصفقة لم يجد مسؤولو المدينة في نابولي ثمن الوقود الكافي لتسيير المركبات والحافلات العامة لنقل الناس في المدينة خلال حياتهم اليومية!
ما كان لا يعرفه الغالبية العظمى من سكان المدينة ومشجعي النادي أن كل ذلك الفقر والعوز الذي تخلف عن الصفقة العجيبة تلك كان مجرد الساعة الأخيرة بالغة السواد والظلمة قبل طلوع الفجر على النادي والمدينة معًا؛ لتكون أشهر مدن العالم بفضل مارادونا، وبه تغير اقتصاد مدينة بأكملها، فما بالك بالنادي؟!
مارادونا الذي انفجر كالبركان في مدينة اشتهرت بالبراكين!.. بركان أطاح بكل نجوم الكرة العالميين الموجودين في إيطاليا في ذلك الوقت.. بلاتيني وفالكاو وزيكو وهانز مولر وجونيور ورومنيجه وباساريلا!!
بركان انفجر بنابولي المغمور في أولى موجاته، أطاح باليوفينتوس عمدة الكرة هناك.. ثم أطاح بالإنتر ميلان..!!
الفوز بالمباريات يتوالى.. الضجة الإعلامية تنتشر كالنار في العالم.. ملعب نابولي الصغير لا يوجد به موضع لقدم.. ثم كان هناك مُلاك النادي ومديروه الذين كانوا في حالة من الانتشاء والفرحة!!
والنتيجة كانت بطولة الدوري الإيطالي وسط ذهول العالم.. ثم بطولة الكأس محققًا «الإسكوديتو».. ثم وجود نابولي على قائمة أكثر المدن مزارًا في العالم لمجرد الحضور إلى الاستاد لمشاهدة مارادونا.. الذي فيما بعد اضطرت إدارة النادي إلى القيام بعمليات توسعة له خصيصًا؛ ليتسع إلى 90 ألف متفرج جاؤوا ليشاهدوا الرجل!!
مثال حي وقائم ودائم لكل من أراد الاستزادة في هذه النقطة المثيرة في علم كرة القدم والاقتصاد هناك.. إن اللاعب وحده وإن الصفقات الكبيرة والشهيرة وحدها هي التي تجلب الفارق الكبير، وهي التي تصنع اسم النادي. والشواهد كثيرة للغاية وممتدة منذ مارادونا حتى راؤول في مدريد الذي بمجرد رحيله لم يحصل النادي لفترة تُعتبر طويلة على دوري أبطال أوروبا. ورونالدينيو في برشلونة ودروجبا في تشيلسي الذي تقريبًا في مباراة النهائي الشهيرة ضد البايرن في الشامبيونزليج أتى بالكأس بمفرده!
نجوم = نجاح!
الصفقات وحدها هي السبيل، وهي الرقم واحد من أجل صناعة تاريخ متكامل الأركان للنادي، وحصد النجاح من الوجوه كافة.. حتى الجماهير نفسها إذا كنت تريد زيادتها فما عليك إلا القيام بصفقة جيدة كصفقة بيليه إلى كوزموس الأمريكي التي ملأت مدرجات النادي بعد أن كانوا يسوقون التذاكر لملء نصفه.. وصفقة مارادونا تشهد.. فالرجل وحده كان يؤمِّن لمُلاك النادي 50 ألف مقعد أسبوعيًّا في المدرجات! وهو الرقم الذي لم يتكرر؛ فبعد رحيله أصبحت مدرجات نابولي لا تتجاوز الـ 36 ألف مشجع.. حتى الآن!