سامى اليوسف
البطالة في أبسط تعريف لها تعني "عدم امتهان أي مهنة"، ومن أنواعها البطالة المقنعة، وتشير إلى "العمال الذين يحصلون على أجور أو رواتب دون مقابل من العمل أو الجهد الذي تتطلبه الوظيفة"، بمعنى أنهم "عمالة زائدة لا تنتج شيئًا"، أو "كثرة عدد الموظفين في مكان العمل دون الحاجة إليهم"، وباختصار أوضح "من ينتج أقل مما يتقاضى شهريًّا".
البطالة المقنعة في محيط الاحتراف محليًّا لها أسبابها، وهي تكاد تنعدم في الدول المتمدنة كرويًّا؛ إذ الأرقام والإحصاءات الدقيقة هي فيصل القرار في مسألة التعاقدات وتمديد العقود. الإنتاجية تعني الاستمرار، والعجز يعني الرحيل.. لا عواطف في اقتصاديات كرة القدم في الدول المتقدمة إدارة واحترافًا في الرياضة.
ألخص أسبابها من وجهة نظري في الآتي:
* الواسطة والحسابات الخاصة:
قد يفرض رئيس النادي لاعبًا منتهي الصلاحية على المدرب، أو تجدد الإدارة مع لاعب غير مفيد تقديرًا لشرفي داعم ومؤثر، يربط دعمه بتنفيذ مطالبه التي يأتي من ضمنها استمرار صديقه اللاعب.
* سوء التقييم:
من قِبل المدرب، كأن يبتعد المدرب في كتابة تقريره عن لغة الأرقام التي تبرز دور اللاعب وأهميته في مسيرة الفريق، ويبرر الإبقاء عليه لأسباب غير فنية.
* العقود المكلفة والباهظة:
ويترتب على سوء تقييم الجهاز الفني، أو عدم اعتماد قرار استمرار اللاعب على مسوغات فنية، توريط خزانة النادي بمبالغ كبيرة وعقود باهظة الثمن، ولمدة أطول، يصعب معها فك الارتباط معه في المستقبل.
* الإصابة وضعف الأجهزة الطبية:
الإصابة المزمنة، وتعدد إصابات اللاعب من جهة، وفشل عمل الجهاز الطبي في تشخيص الإصابة، أو في الاستشارة الطبية للتدخل الجراحي أو توقيته، أو في تأهيل اللاعب المحترف، وعدم التزامه ببرنامج العلاج والتأهيل من جهة أخرى.. كل ذلك قد يطيل من فترة غيابه وارتباطه؛ وبالتالي يزيد من ملازمته العيادة الطبية؛ ما يعيق استفادة الفريق من خدماته.
* سوء اختيار المحترفين المحليين والأجانب:
تتدخل "بعض" إدارات الأندية في صميم عمل الجهاز الفني، وتقوم بإبرام عقود مع محترفين محليين وأجانب في خانات ربما لا يحتاج إليها الفريق، وقد تقع في هذا السياق ضحية للسماسرة؛ ما يزيد من تكدس اللاعبين في خانة واحدة بلا طائل فني أو مادي.
* أنانية اللاعبين وضعف ثقافتهم:
يرفض بعض المحترفين، خاصة المحليين، عروض الإعارة للعب مع فِرق أخرى للمحافظة على مستوياتهم أو تطويرها باللعب أساسيين بدلاً من الوقوع أسرى لدكة البدلاء، أو خارج قائمة الـ18 لاعبًا في كل مباراة، إما لأنانيتهم وجشعهم، أو ضعف ثقافتهم الكروية.
يجدر بنا تذكر رفض السويدي إبراهيموفيتش قبول 13 مليون إسترليني من مانشستر يونايتد للاستمرار بالفريق لأنه سيغيب للإصابة!
* عدم فاعلية لائحة الاحتراف بما يرصد غياب المحترف عن تمثيل الفريق أساسيًّا، وربط هذا الغياب بحسومات مالية، تتضاعف كلما زاد هذا الغياب، وثبوت عدم جدوى استمرار اللاعب محترفًا بشكل يحفظ للنادي حقوقه.
ومن أبرز الآثار المترتبة على تفشي "البطالة المقنعة" في عالم الاحتراف، وعلى الفرق الكروية التي تعاني من تكدس اللاعبين عديمي الفائدة: قتل المواهب الشابة، وهجرتها نحو أندية أو دوريات أخرى، ترعى موهبتها وتنميها، عدم دخول دماء جديدة للفريق، وتضرر نتائجه ومستوياته، وزيادة أعباء التكاليف المادية على الإدارات، وتصاعد حدة التوتر في العلاقة بين اللاعب ومدرج ناديه من جهة، والإدارة وجماهير النادي من جهة ثانية، وغياب روح المنافسة، وارتفاع نسبة حدوث مشكلات بين اللاعبين والمدرب والإدارة فيما يتعلق بفرص المشاركة وتقييم العقود عند التجديد، وربما يخسر الفريق أحد نجومه لعدم توافر فرص العدالة في موضوع مشاركته، وتصعيد مشكلات العقود والوفاء بها، خاصة مع اللاعبين الأجانب، إلى جهات قضائية دولية تكلف النادي غاليًا، بخلاف تضرر المنتخبات الوطنية بأثر رجعي.
وقد ساهم أحد رؤساء الأندية في المنطقة الغربية قبل إبعاده عن المشهد الرياضي، ومن سار على نهجه من بعده، في كتابة أول أحرف هذه الظاهرة باعتماد تكديس النجوم في الفريق بتكاليف مالية باهظة في عقودهم، ما زال النادي يدفع ثمنها حتى اليوم.
الحل الأمثل أن تتضافر جهود الإدارة ولجنة الاحتراف في العمل الجاد على سَن لائحة تحصر تفاقم مثل الظاهرة، وأن تقوم إدارات الأندية بمسؤولياتها بكل أمانة في وضع مصلحة فرقها في المقام الأول دون الارتهان للعاطفة أو المجاملة عند تعاقداتها، سواء مع المحترفين المحليين أو الأجانب.
فاصلة
قلوبنا مع الصقور الخضر في مواجهة منتخبنا الوطني "المفصلية" اليوم أمام منتخب أستراليا القوي على أمل الخروج بنتيجة إيجابية، تدفع "الأخضر" خطوة مهمة للأمام نحو بلوغ مونديال روسيا.