خالد بن حمد المالك
نتحدث في هذا المقال عما يُسمى إعلام الظل، وهو ذراع إعلامي مشبوه تموّله قطر، وتستخدمه في تحقيق أهدافها، بعد أن فقدت قناة الجزيرة مصداقيتها، فرأت أن تستخدم الدوحة لتحقيق مآربها إعلاماً لا تظهر فيه صورتها العابثة على السطح، ولا يتم التحدث عنها بشكل مباشر، فإذا بها تنكشف، والمعلومات عنها تتسرب، بما لا مجال لدولة قطر أن تدعي براءتها من هذا الإعلام العميل، أو أن تتوقع بأنه سيكون فاعلاً في إقناع المتابعين للشأن القطري المتورط بالإرهاب بأن لا علاقة لها بذلك.
* *
هذا الإعلام الرخيص، الذي يعْرض نفسه لمن يدفع أكثر، يعتمد على مجموعة من الإعلاميين المرتزقة، ممن لا يجدون أنفسهم إلا حيث هم الآن، فلا يشتري ضمائرهم ولا يتعاون معهم، إلا من هو في مستوى التفكير القطري المحدود، ومن هو متورط إلى أذنيه في الإرهاب كما هي الحالة القطرية، بأمل أن يكون هذا الهجوم الإعلامي منقذاً، ومحسناً للصورة القطرية، بينما هو أضعف من أن يلعب هذا الدور، وأعجز من أن يقنع الناس بسلوك قطري مخادع ويخالف الواقع.
* *
فهذا الإعلام الرخيص يقوده أو يكون حلقة التواصل معه من يطلق عليه الشعب القطري برجل الظل في قطر، وينعته بأنه ذو تاريخ أسود، فمن يكون هذا الرجل الذي يصفه الشعب القطري الشقيق بذلك، إنه عزمي بشارة الإسرائيلي من أصول عربية، الذي عمل نائباً سابقاً في الكنيست الإسرائيلي، وعضواً سابقاً أيضاً في البرلمان الإسرائيلي، وله تاريخ أسود، فقد عمل في إسرائيل عميلاً لصالح حزب الله، يسرّب معلومات لها، ويروج لها لدى عرب إسرائيل، مقابل مال يدفع له، وقد هرب من إسرائيل بعد تسريبه معلومات لحزب الله عن إسرائيل.
* *
هذا الرجل المخادع الخطير، المشكوك في ولاءاته، تلقفته دولة قطر، ومكنته من مفاصل الدولة، ومنحه أمير البلاد ثقته، مثله مثل كثير من الأشخاص الخطرين الذين يقيمون في قطر، فهو حالياً يقود الإعلام القطري، وأسندت إليه مسؤولية صناعة الرأي السياسي القطري، وهو مهندس تطوير وتوطيد العلاقات القطرية الإسرائيلية، بل إنه المروج الأكبر لفكرة انسلاخ قطر عن العالم العربي، ويقال إنه من قاد الدور القطري في خطة الربيع العربي لصناعة شرق أوسط جديد، فقد أسندت له كل هذه المسؤوليات، وأصبح الرجل الأول في ثقة الشيخ تميم آل ثاني، مع ما يقال بأنه تم إبعاده بعد أن كثر الكلام حول دوره المشبوه.
* *
عزمي بشارة لعب دوراً في ربط عدة قنوات إعلامية بقطر، يدفع لها المال القطري بسخاء، وهي بدورها تتحول إلى أبواق تروج للسياسة القطرية، ومن بين قنوات الظل التي تلعب دوراً مشبوهاً بتوجيه من عزمي بشارة، قناة العربي الجديد، وعربي 21، والقدس العربي، والخليج الجديد، وميدل أيست أي، والمونيتور، وكلها قنوات تافهة ولا قيمة لها، ولكن عزمي المدلل لدى السلطة في قطر أقنعهم باستثمارها في تنفيذ مخططات قطر الإرهابية، مع استخدامها ضمن المحاولات اليائسة لإنقاذ الدوحة من وحل ضلوعها في تمويل ودعم الإرهاب، مع أن هذا الاستثمار الإعلامي المشبوه لم يغير من الأمر شيئاً.
* *
الخدمات التي قدمها الإسرائيلي عزمي بشارة لحزب الله لا تحتاج إلى دليل أكثر ممّا قلناه، ولا يزيل عنه صفة العمالة لإسرائيل، فهو عميل مزدوج بالدليل القاطع، ولا يعفيه من تهمة ممارسة التخريب، لأنه يقيم في قطر، فما يقوم به من أدوار إعلامية وسياسية، ومن نفوذ غير عادي لدى أجهزة صناع القرار في قطر، جعله في واجهة تخوف الشعب القطري منه، والشك في نواياه، والنظر إليه على أنه عميل خطير، مدسوس على قطر، ومزروع في المناطق الحساسة والمهمة القريبة من مكاتب أمير البلاد.
* *
ونحن لا نستغرب أن يصل عزمي بشارة إلى ما وصل إليه، فهو يلبي سياسة المتناقضات التي تُدار بها سياسة قطر، هذه الشقيقة الصغرى التي تتمرد على أدبيات السياسة التي يلتف حولها قادة دول مجلس التعاون، فتستخدم كل شيء لتمرير مخططاتها الإرهابية، وتوظيفها للإيقاع بأشقائها، حيث يتضح ذلك من كونها الوحيدة خليجياً التي لها علاقة بإسرائيل، وأنها الدولة الخليجية الوحيدة التي لا تلتزم بالمقاطعة العربية الاقتصادية لإسرائيل، كما غدت جسراً بين إيران وإسرائيل، وكل هذه وغيرها يجعل من تقريب المسافة بينها وبين الدول الخليجية متعذرة في ظل هذه السياسة المتناقضة التي تُدار بها قطر ما لم تتراجع عنها.
* *
عزمي بشارة لا يمكن له أن يزيل الصورة الإرهابية الحقيقية عن قطر، مهما وضعت الدوحة من مال بين يديه، ولا يمكن لعلاقاته مع الإعلاميين العرب والعجم ذوي السمعة السيئة أن ينجح في تبرئة قطر، وإنقاذها من المأزق الإرهابي الذي تواجهه، وما دامت مستمرة في تمويل الحركات والمجاميع والمنظمات الإرهابية، فسوف تبقى الدولة الراعية والممولة للإرهاب، وإنقاذها مما تورطت فيه لن يكون سهلاً ما لم تنأ بنفسها عن التدخل في شؤون الدول، وبالتالي الكفّ عن تعاونها ودعمها للتدخل الصفوي في المناطق الشيعية في دولنا، وأن تغير من سياساتها وتآمرها ضد بعض الدول الخليجية، ومصر، وليبيا واليمن وسوريا عبر استضافتها لتنظيم الإخوان المسلمين الذي تصنفه المملكة مع دول أخرى كثيرة كتنظيم إرهابي.
* *
لكل هذا فنحن لم نستغرب مواقف قطر المعارضة دائماً للإجماع الخليجي، فهي في تعاونها وتنسيقها مع إيران ترفض استخدام القاعدة الأمريكية ضدها، وهي من دافعت بالأمم المتحدة عن المفاعل النووي الإيراني، وكأن المندوب القطري يمثل إيران في المنظمة الدولية، وقطر لا غيرها من تطالب بالتشاور مع إيران لتنسيق المواقف في أي قضية تثار سواء كانت تعنيها أو لا علاقة لها بها، وفي الشأن الفلسطيني تدعم حماس بعد أن نجحت في دعم انفصال غزة والتمرد على منظمة التحرير الفلسطينية، لكونها بحسب تصريح الشيخ تميم هي الممثل الشرعي لا منظمة التحرير، وكل هذا يحدث وعزمي بشارة يعتقد أن إعلامه الذي ضحك به على السطة القطرية، سوف ينجح في التضليل وقلب الحقائق، وبالتالي تمرير المؤامرة على قطر ودول الخليج.
* *
المثير للانتباه أنّ أمير قطر ينظر إلى قطر على أنها دولة كبرى، ولها أن تتدخل في شؤون الدول الشقيقة، وتملي عليها سياساتها، كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية، وإلا فالويل لمن يعارضها من عمليات إرهابية تنتظرها، فقطر لا غيرها من تلعب بالنار في سوريا، فقد دعمت التنظيمات المتطرفة، وأساءت إلى المعارضة، وهي من ضمن من كانوا سبباً في إطالة الحرب، ولا ننسى ممارسة العدوان ضد الحكومة المصرية الحالية دعماً للإخوان المسلمين الذين يمارسون التخطيط من الدوحة للتفجيرات التي تشهدها مدن ومحافظات مصر، ويموت فيها من الأبرياء من يموت، وقناة الجزيرة وقنوات الظل ورجل الظل عزمي بشارة يواصلون التحريض، وقطر لا يعنيها ذلك، طالما أن ضيوفها الإرهابيين يرون أن تحرير فلسطين يمر من خلال هذه العمليات الإرهابية في مصر ودول عربية أخرى.
* *
ولم يتوقف العبث القطري عند هذا الحد، ولم يشعر مسؤولوها بمسؤولياتهم عن هذا النزيف من دماء الأبرياء الذين يلاقون حتفهم بدعم قطري للعمليات الإرهابية بالمال والإعلام والسلاح، أليست هي من تدعم الحوثيين والإرهابيين في ليبيا، وتقول عن حزب الله ذراع إيران في لبنان بأنه حزب مقاومة وليس حزباً إرهابياً، متجاهلة الاحتجاجات على تعاونها مع إيران في سوريا، والعراق، وعبثها في لبنان واليمن والبحرين وغيرها.
* *
أخيراً علينا أمام هذه المواقف القطرية، أن نفتش عن عزمي بشارة، لنجد أنه الشخص النافذ، والعقل الإعلامي والسياسي المدبر لبعض ما يحدث، مع حفنة من العملاء الذين لم تكتشف القيادة القطرية بعد حقيقتهم ونواياهم وأهدافهم، وما يخططونه لعزل قطر عن محيطها العربي وأشقائها الخليجيين، وتركها في نهاية الأمر إلى قدرها المجهول، فلعل ما أعلنت عنه المملكة والإمارات والبحرين ومصر من قطع للعلاقات معها، يجعلها تصحو مما يخطط لها ولأشقائها العرب من مؤامرات لم يعد ممكناً للدول الأربع أن تتسامح مع قطر بعد سنوات من الانتظار للتخلي عن إرهابها.