فهد عبدالله العجلان
لم يكن أحد في الخليج يتمنى أن تصل الأمور بين دول مجلس التعاون الخليجي وحكومة قطر إلى ما وصلت إليه، لكن الجميع مدرك أن ربع قرن من الزمان كافٍ أمام قطر على الأقل لأن تعي أن مشروعاتها التآمرية ضد دول المجلس والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص باءت بالفشل، وأن الأشجار العثرية لا تقتلعها جرافات لعب الأطفال! وأن تعود إلى رشدها ولو متأخرًا!، لكن مع الأسف لم يفهم الساسة القطريون الدرس!
العالم أجمع يدرك أن السعودية تتبنى الهدوء السياسي والحكمة في التعاطي مع الأزمات، وألا شيء يدفع المملكة إلى الحزم إلا حين يمس الأمر أمنها القومي، وسلامة مواطنيها واستقرار البلاد، وحين تتجلى لها الحقائق وتتطابق الأدلة والبراهين حول ذلك فإنها لا تتردد!
قطع العلاقات والإجراءات الاقتصادية ضد دولة قطر، الذي اتخذته السعودية والإمارات والبحرين، وتبعتها مصر وجزر المالديف وموريشيوس وموريتانيا، وكذلك الأردن، تمثل قناعة دولية بخطورة الدور القطري الذي استشعره أيضًا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليشير إلى أن الأصابع في تمويل ودعم الإرهاب بالمنطقة تتجه إلى قطر مؤملاً أن تكون هذه الإجراءات بداية نهاية الإرهاب!
هذه الغضبة الدولية التي أطلقتها السعودية واستجاب لها العالم، حاصرت الساسة القطريين وبدؤوا يستشعرون الخطر في عمق الداخل القطري، فالمواطن القطري يدرك أن إيران ليست حليفته ولا مصدر أمان له، والحشد الطائفي وحزب الشيطان ليسوا شركاء وحلفاء لبلاده، ومرتزقة ما يسمى الإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة الأخرى ليست الأصوات التي تعبر عن أصالته وشخصيته، ولذا فإن ما حدث إشارة بوصلة مهمة إلى أين قاد الساسة في بلاده مصير المواطن القطري؟
منصات الإعلام القطري التي تغدق عليها الحكومة القطرية الأموال بدءًا من قناة الجزيرة وليس انتهاء بالمواقع والقنوات الأخرى في الخارج، تدندن منذ أن صدر قرار قطع العلاقات على وتر السيادة، وهي بذلك تسعى للتغرير بالمواطن القطري أولاً، لتصور له الخلاف وكأنه مَس للسيادة وليس مرتبطًا بالسياسات الكارثية التي اتخذتها حكومته، بل إن التضليل الكبير الذي تتزعمه قناة الجزيرة يحاول أن يقنع المواطن أن الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها المملكة العربية السعودية والإمارات وعدد من الدول يستهدف المواطن القطري وانتزاع سيادة بلاده، لكن الرهان اليوم على وعي المواطن القطري الذي غاب عن المشهد، لتدير مصالحه حفنة مرتزقة من كل مكان أغرت من هم في سدة الحكم بمستقبل يتجاوز إمكاناتهم ليصطدموا بالواقع اليوم! واستغلوا اقتصاد الدولة الخليجية الصغيرة لتمويل الأنشطة الإرهابية في كل مكان وزعزعة استقرار الجيران، لكن الحساب اليوم بدأ، فالخليج لا يقبل غير قطر الأرض والناس الذين نعرفهم، أما الطارئون فلن يجلبوا إلا الدمار وليس غير الدمار... فاعتبروا يا أولي الألباب.