«الجزيرة» - بندر الأيداء:
كشف خبير في أسواق الدين لـ«الجزيرة» عن تطورات لافتة عاشتها أسواق الدين الخليجية خلال الـ48 ساعة الماضية، لعل أبرزها يدور حول كيفية تعامل البنوك المركزية بالخليج مع محافظ بنوكها التي استثمرت بأدوات الدين القطرية (من صكوك وسندات) ولاسيما أن بعض المستثمرين الدوليين يتوقعون زيادة الضغوط على تلك الأوراق المالية بعد تصريحات الرئيس الأمريكي بدعم القطيعة الدبلوماسية لقطر.
وقال محمد خالد الخنيفر: العديد من بنوك الإمارات وقفت تقديم التمويل للعملاء الأثرياء الذين يتعاملون بشراء الديون القطرية بالسوق الثانوية. وهذا الإجراء يُعَدُّ تحوطياً، وذلك في انتظار الحصول على التوجيهات الرسمية من البنك المركزي الإماراتي. فالمستثمرون الإماراتيون من كبار المستثمرين بأدوات الدين الخليجية، بالتأكيد لديهم انكشاف على الديون القطرية (سواء السيادية منها أو الشركات).
وأضاف أن أسوأ الاحتمالات التي يداولها بعض المتعاملين في أسواق الدين الخليجية تدور حول احتمالية قيام البنوك المركزية بالطلب من البنوك التخلص من أي انكشاف لديهم تجاه الديون القطرية. وهذه الخطوة، في حال حدوثها، سيؤدي لعمليات بيع للديون القطرية بالسوق الثانوية. لذلك نجد أن بعض البنوك المركزية طلبت من بنوكها تقديم كشف مفصل عن حجم الانكشاف على البنوك القطرية.
وقال الخنيفر إن من ضمن الأسئلة التي تدور في مخيلة المستثمرين (بعد الخطوة الاحترازية) التي قامت بها البنوك الإماراتية تدور حول تكهناتهم لما سيقوم به البنك المركزي الإماراتي تجاه انكشاف المصارف على الديون القطرية. على سبيل المثال، هل سيطلب المركزي من البنوك التخلص الفوري من أي ديون قطرية (سواء كانت تلك الاستثمارات باسم البنوك أو بالنيابة عن عملائها) أو أن «التخلص» سيكون ضمن نطاق زمني معقول. أو أن مثل هذه القرارات ستكون مقصورة على إصدارات الدين المستقبلية للديون القطرية. تلك الضبابية أربكت بعض المستثمرين وأدت لتسجيل عمليات بيع لا فاتة (sell off) على ديون الشركات القطرية. على سبيل المثال، انخفضت أسعار صكوك مجموعة ازدان القابضة بمقدار 5 نقاط في حين انخفضت أسعار سندات «قطر لإعادة التأمين» بمقدار 4.5 نقطة. كل هذه المؤشرات تعطي انطباعاً بأن تكلفة الاقتراض الخارجي، والتي تخطط بعض الشركات القطرية تنفيذها بعد العيد سترتفع.
السندات السيادية تحت الضغط
وتابع الخنيفر: بخلاف عمليات البيع الملفتة لديون الشركات القطرية (بعد طلب بعض البنوك المركزية الخليجية من المصارف تقديم كشف مفصل على حجم الانكشاف على الاستثمارات القطرية)، فقد تم تسجيل عمليات بيع للديون القطرية السيادية، الأمر الذي جعل خبراء بنك سيتي يقولون إن المستثمرين بدأوا «إعادة تسعير» منحنى العائد للديون القطرية (المصنفة ائتمانياً بـAA). ووفقاً لحسابات البنك الأمريكي، فإن الـ(Z-spread) لسندات قطر (2026) قد التحق بمعدل هامش الائتمان لدول شرق أوسطية (120-130 نقطة أساس) ذا تصنيف ائتماني (A). وهذا يعني أن بعض مستثمري الدخل الثابت يتوقعون انخفاض التصنيف الائتماني لقطر بمقدار درجتين إلى ثلاث درجات. وهذا يحدث ارتفاعاً في تكلفة تمويل قطر في حالة قررت إصدار أدوات دين خلال هذا الأسبوع، على سبيل المثال. وهذا ما يفسر تلميح موديز غير المباشر باحتمالية تخفيض التصنيف الائتماني لقطر، وذلك في حالة «تعطلت التجارة وتدفقات رؤوس الأموال». والـ (Z-spread) وهو مبلغ العائد (الفرق) الذي ستحصل عليه (من سندات صادرة من جهة غير الخزانة الأمريكية) فوق العائد الذي يحمل الأجل نفسه لسندات صادرة من الخزانة الأمريكية. ويمثل الـ(Z-spread) المخاطر الإضافية التي تشمل مخاطر الائتمان ومخاطر السيولة.. إلخ. ومن أجل أن ننظر لحركة سندات العشر السنوات
ومضى خبير سوق الديون: رغم أن أبوظبي وقطر يتشاركون بدرجة التصنيف الائتماني نفسها (إذا قسنا ذلك بتصنيف ستاندرد آند بورز), فإن العائد (yields) لقطر قد صعد بمقدار 42 نقطة أساس مقارنة مع أجل السندات الخاصة نفسه بأبوظبي بحسب بلومبرج.
ويرى الخنيفر أن الضبابية التي تحوم حول التداعيات الائتمانية المتعلقة بأدوات الدين جعلت هوامش الائتمان لقطر (بمختلف الآجال) تتحرك ما بين 15-25 نقطة أساس (مقارنة بتحرك ما بين 8 إلى 10 نقاط أساس قبل حدوث القطيعة الدبلوماسية لقطر). صحيح أن عمليات البيع للديون السيادية القطرية لم تكن ضخمة (لأن المستثمرين لا يزالون يحاولون تقييم الآثار على الاقتصاد القطري) ولكنها تحمل معها إشارات بيع «ذعري» من بعض المتعاملين الذين يتوقعون حدوث الأسوأ. مبيناً أن التحرك في هوامش الائتمان إبان تخفيض تصنيف قطر الائتماني درجة واحدة (من موديز) كان طفيفاً مقارنة مع ما يحدث الآن والذي تنبأنا بحدوثه (سابقاً) كنتيجة طبيعية للعلاوة السعرية على المخاطر السياسية التي يطالب بها المستثمرون من أجل احتفاظهم بالديون القطرية.