هاني سالم مسهور
كشفت الأزمة الأخيرة مع دولة قطر عن جانب مخفي عن الأنظار، جيوش مستعدة للدفاع عن حزبها ضد الوطن، وخلايا تحركت في كل مكان لا تكاد تترك فرصة للظهور إلا وظهرت فيها في كل موقع إعلامي يتاح لها، ولذلك كانت سلسلة المقالات الأخيرة قد ابتدأت تساؤلاً (ابحثوا عن.. عزمي بشارة!)، فهذه الشخصية كشفت في هذه الأيام ما تمتلك من أذرع إعلامية ناشطة في وسائل التواصل الاجتماعي وقادرة على بث سمومها فلقد تم تهيئتها على مدار أعوام مضت من أجل هذه المهمة.
يراد لنا أن نفهم بأن "عزمي بشارة" المطلوب من إسرائيل قضائياً يخرج في قناة الجزيرة القطرية وعلى مسافة ( 2141 كيلومتراً ) فقط تفصل تل أبيب عن الدوحة، ويراد أن نفهم قناعةً أو غير ذلك بأن "عزمي بشارة" المسيحي الحامل للجواز الإسرائيلي ذو الميول القومية أنه منظر عميق لجماعة الإخوان المسلمين، أدواره المختلفة تحمل الكثير من الاستفهامات حول شخصيته الظاهرة لنا وما يتمتع به من نفوذ في عاصمة عربية قوتها الوحيدة تكمن في قناة لسانها (طويل).
وبحسب صحيفة "اليوم السابع" المصرية فإن العائلة الحاكمة في قطر، ومن خلفها عزمي بشارة، سعوا لتدمير العديد من الدول العربية، كاشفة عن مراسلات بين بشارة وأمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وقيادات في نظام الحكم القطري، مهدت لاندلاع ثورات الربيع العربي، وهي المراسلات التي حصل عليها اليوم السابع من مصادر قريبة الصلة بعزمي بشارة، ما زالت صورة عزمي بشارة مرتبطة بتلك الأزمات العنيفة التي اندلعت في 2011م كان ظهوره لافتاً في أزمة تونس ومصر واليمن وسوريا وليبيا، كان يتحدث عبر شاشة الجزيرة القطرية ليس كخبير أو كاتب أو مفكر سياسي بل كشيء أكبر من ذلك فلقد كان أقرب إلى أن يكون أفعى تبث سمومها للملايين.
تعتمد الإستراتيجية القائمة منذ هبت رياح (الخريف العربي) على إذكاء نار الطائفية بالقدر الأعلى في كل المجتمعات العربية، وفي موازاة ذلك تعمل الآلاف من الحسابات التي تديرها مجاميع تابعة لـ (شباب الإخوان) ليس فقط لإثارة نيران الطائفية بل لإشعال كل الإثننيات القائمة في كل مجتمع على حدا، شبكة واسعة من تلك الحسابات التي تحمل معرفات مجهولة تنطلق نحو أهداف لا يمكن غض الطرف عنها حاضراً فلقد سقطت أنظمة واحترقت شعوب من وراء تلك الحرب المخفية.
دعونا نتساءل بهدوء كيف تتمكن قناة الجزيرة القطرية من البث المباشر يومياً من صنعاء، في كل المراحل حتى بعد ساعات من انطلاق عاصفة الحزم وقبلها وبعدها، عبدالوهاب الشرفي الأكثر تشنيعاً بالتحالف العربي يمنح ما لا يقل عن ساعتين إلى ثلاث ساعات أسبوعياً عبر الجزيرة القطرية لمهاجمة السعودية والإمارات، وفي المقابل تمنح ساعات بث طويلة عبر استضافة ما يعتبر أنهم محللون سياسيون من اسطنبول وأنقرة يتبعون (حزب الإصلاح اليمني) دورهم المطلوب هو توجيه الاتهامات لدولة الإمارات وتظليل الرأي العام حول العمليات العسكرية في المحافظات الشمالية.
في هذه الأزمة يُمكن تتبع الحسابات التابعة لمناصري حزب الإصلاح اليمني لاكتشاف حقيقة التواطئ مع قطر ضد السعودية، يؤكد ذلك ردة فعل تلك الحسابات الإخوانية على ما عرضه موقع قناة الجزيرة القطرية من رسم كاريكاتوري يسيء إلى القيادتين السعودية والمصرية، كل هذا يحدث عبر تشكيلات (خلايا عزمي) التي تواصل بث كل ما تستطيع سواء في حالة الدفاع أو الهجوم.
صحيح أن هناك تراجعاً مع إغلاق دول السعودية والإمارات ومصر المواقع الإلكترونية القطرية وأنه بات ملموساً هذا التراجع غير أنه في المقابل تنشط حسابات ومعرفات في كل منصات التواصل الاجتماعي دون حسيب أو رقيب وتستعين بموادها من رأس الأفعى المقيم في الدوحة عزمي بشارة، كل هذا يجري دون أن تستطيع المخابرات الإسرائيلية من تحديد موقع عزمي بشارة أو دون قدرتها في التعامل مع الموقف!، ليس سخرية بمقدار ما هي توصيف لما يراد لنا أن نفهمه.